فاطمة الزهراء المرابط
المساهمات : 172 تاريخ التسجيل : 16/02/2008
| موضوع: مدونة الأسرة ... إلى أين؟؟ الثلاثاء فبراير 26, 2008 11:42 am | |
| مدونة الأسرة... إلى أين؟؟ مرت الآن سنتا ن على صدور مدونة الأسرة التي أعتبرها الجميع حدثا تاريخيا، و مكسبا للمرأة المغربية و للمجتمع المغربي عموما، بعد نضالات امتدت لفترة تزيد عن العقدين من الزمن خاضتها الحركة النسائية و الحقوقية، من أجل تغيير مدونة الأحوال الشخصية و تحقيق مكاسب جديدة في قانون الأسرة. ومن أجل تعميق المعرفة بمدونة الأسرة، و في سياق يفهم جديدها، نقدم لكم هذه القراءة الموجزة حول أهم المستجدات التي جاءت بها المدونة و الآراء التي أثارتها منذ صدورها سنة 2004.
ماهي أهم المستجدات التي جاءت بها المدونة ؟
بموجب أحكام المدونة الجديدة أصبحت الأسرة تخضع لمسؤولية الزوجين، حيث أصبحا معا يتمتعان بحقوق وواجبات متساوية. كما أن المرأة الراشدة أضحت سيدة اختيارها. إضافة إلى ذلك تم تحديد سن الزواج في 18 عاما بالنسبة للجنسين بدل 18 سنة للذكر و 15 سنة للأنثى. كما ألغى القانون الجديد الطلاق التعسفي و أسس لمبدأ الطلاق بالتراضي تحت مراقبة القاضي و ضمانا لمبدأ المساواة و الإنصاف بين الزوجين أصبحت تنص المدونة في صيغتها الجديدة على رفض طلب الطلاق الذي تتقدم به الزوجة بسبب الإهمال و عدم الإنفاق، إذا ما تبين أنها تملك الوسائل التي تمكنها من تلبية حاجياتها و أن الزوج عاجز عن ذلك. وإلى جانب ذلك نصت المدونة الجديدة على تغيير وضعية الأحفاد من جهة الأم حيث أصبح بوسعهم أن يرثوا في جدهم مثل الأحفاد من جهة الأب. أما بخصوص حضانة الطفل فقد أصبح بإمكان البنت مثل الابن أن تختار الجهة التي تتولى حضانتهما منذ سن 15. و استنادا إلى أحكام المدونة الجديدة أيضا أصبح للقضاء دور محوري في السهر على تطبيق أحكام المدونة من خلال اتخاذ الإجراءات المواكبة من قبيل إحداث محاكم الأسرة و خلق صندوق للتضامن العائلي. و من بين المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة أيضا، يجدر التوقف عند مسألة شكلت على الدوام أحد المطالب الأساسية التي طالما نادت بها المنظمات و الهيئات النسائية يتعلق الأمر باقتسام الزوجين للممتلكات التي تم اكتسابها خلال فترة الزواج. كما تضمن القانون المتعلق بالحق في اقتسام الممتلكات إمكانية لجوء الزوجين إلى إبرام عقد منفصل عن عقد الزواج يتم بموجبه تحديد إطار تدبير و استثمار الممتلكات المكتسبة أثناء فترة الزواج.
ماهي أهم المواقف التي أثيرت حول مدونة الأسرة ؟
يمكن القول بأن مدونة الأسرة منذ صدوره سنة 2004 و هي في محك التقييم و تتضارب حولها عدة أراء ووجهات النظر من طرف الجمعيات النسائية والهيئات الحقوقية و الحزبية و النقابية. و التي نستطيع حصرها في أربعة مواقف هي: الموقف الأول: يرى أن مدونة الأسرة أحدثت تغييرا كبيرا في مدونة الأحوال الشخصية حيث قامت على مبادئ مغايرة كالمساواة و التعاون و أنها جاءت نتيجة سنوات طويلة من النضال انخرطت فيه الحركة النسائية و الديمقراطية في المغرب. و تم توعية المجتمع بها و بمقتضياتها غير أن هذين الشرطين لم يتوفرا نظرا ل: ـ عدم أهلية الأطر المكلفة بتنفيذ مقتضياتها لإدراك أبعادها و فلسفتها، و التخلص من موروث مدونة الأحوال الشخصية الحامل لأبعاد امتهان كرامة المرأة و إذلالها. ـ عدم توفر البنية التحتية لتطبيق هذه المدونة خاصة من الناحية القضائية الأمر الذي يساهم في تكديس الملفات في المحاكم. ـ بطئ وثيرة البث في دعاوي النفقة التي تستمر إلى حدود السنة مما يؤدي إلى ماسي اجتماعية مثل التشرد و الضياع بالنسبة للأطفال. ـ تعقيد المساطر خاصة مسطرة الزواج و هي لا تخضع لمنهج واحد حيث تفرض أحيانا جلب عقود الازدياد من أماكن الولادة رغم بعدها عن أماكن السكن و الإدلاء بالشواهد الطبية لإثبات الخلو من الإمراض المعدية كما تنص المدونة على إن الراغب في الزواج عليه إن يضع ملفا يؤشر عليه القاضي قبل إرساله من طرف العدول إلى المعني. كما أن مسطرة التطليق و التي من المفترض أن تتم في غضون 6 أشهر قد تمتد بسبب تراكم ملفات التطليق. ـ رفض القضاة لعقد الزواج بالوكالة دون توفرهم على أي سند قانوني أو شرعي و هو ما يسبب الكثير من المشاكل خاصة بالنسبة للمغاربة القاطنين بالخارج. ـ اختلاف الأحكام من منطقة لأخرى و عدم إلمام المحامين بمقتضيات المدونة خاصة فيما يتعلق بزواج القاصر و التعدد. و بالنسبة للموقف الثاني: يرى المدونة حدثا لم يسبق له مثيل في كل البلاد الإسلامية و هي بمثابة ثورة على مدونة الأحوال الشخصية. و هو موقف بعض المنظمات النسائية و الهيئات باعتبار المدونة قد صيغت وفق التعاليم الإسلامية و الاتفاقيات و المواثيق الدولية و أن أسسها تقوم على: ـ مبدأ المساواة بين الجنسين في الأحكام بالنسبة لسن الزواج و الحضانة وعند إبرام عقد الزواج أو في حالة فسخه. ـ مسؤولية الزوجين في رعاية الأسرة و النهوض بشؤونها. ـ توسيع سلطة القضاء لحماية حقوق الزوجين. أما الموقف الثالث: فهو غير مهتم بهذه المدونة و كأنها مجرد حملة أو دعاية للانتخابات سرعان ما ستنتهي كما بدأت و أنها لن تستحق إعطائها أهمية أكثر من حجمها. في حين أن الموقف الثالث: ينظر إلى المدونة بشك و ريبة باعتبارها قانونا فوقيا لم ينتجه المجتمع و هو بذلك عاجز عن تطبيقه، كما أنها هذا القانون استثني من المسطرة العادية لوضع القوانين إذ تم في إطار لجنة ملكية استثنائية. و لم تستجب إلى مطالب كل الحركات الحقوقية و النسائية التي تستهدف مطابقة التشريعات المغربية مع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و لم تأت بالجديد فهي لم تضف على مدونة الأحوال الشخصية السابقة سوى تعديلات طفيفة مما يبقيها في تعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في مسائل كثيرة و منها: ـ الولاية الاختيارية التي تتعارض مع الإرادة الحرة في الزواج. ـ اللامساواة في الإرث. ـ سلطة الزوج عند فسخ عقد الزواج حيث أبقت المدونة الطلاق بيد الزوج و إن كان بطلب الإذن من القاضي الذي يحرص على حضور الزوجة رغم أن رفضها لايشكل مانعا لإحداثه ، كما أن رغبة الرجل في الطلاق تتم خارج مساطر التطليق و الشقاق ومن مظاهر تناقض مدونة الأسرة مع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان مسالة التعدد، و إن تم تقييده فقد بقي قابلا لاستعمال مختلف أساليب التحايل على القانون لتحقيقه. هذا بالإضافة إلى العديد من الخروقات لمضامين و محتويات المدونة و التي أوردتها تقارير الجمعيات النسائية و الحقوقية. و هي كلها تتنافى مع مبدأ المساواة و التعاون و تكرس الميز و التحايل على القانون لتزويج القاصر، أو لإباحة التهرب من النفقة أو لطرد الحاضنة من بيت الأسرة. كما أن أغلبية النساء لا يفهمن جيدا المدونة لدرجة اعتبارها سلاح مميز يمكن استعماله ضد الرجل. كما أن عدم معرفة بنود مدونة الأسرة بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من مشاكل أسرية أو يفهمنها مغلوطة. قد يؤدي بهن إلى اتخاذ قرارات قد لا تكون في محلها، و بالتالي يتسببن في ماسي اجتماعية لهن و لأسرتهن. كما أن للرجال أيضا عدة مفاهيم مغلوطة حول مدونة الأسرة، حيث لجأ العديد من الرجال إلى المحكمة من اجل تطليق زوجاتهم بمجرد السماع بصدور المدونة، وذلك خوفا من أن تتقاسم الزوجة مع الزوج السكن و الممتلكات. لكن السؤال المطروح الآن هو: هل سيتم تفعيل هذه المدونة رغم كل المعيقات الاجتماعية التي تعيق تطبيقها سؤال مطروح للنقاش......!!؟؟ | |
|