منتديات نبراس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نبراس

منتدى يهتم بعالم الابداع و التربية والتعليم والثقافة و الحوار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1/3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sadouki
Admin
sadouki


المساهمات : 274
تاريخ التسجيل : 05/02/2008
العمر : 60

المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1/3) Empty
مُساهمةموضوع: المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1/3)   المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1/3) I_icon_minitimeالأحد فبراير 24, 2008 2:36 pm

المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1)
بقلم الدكتور جميل حمداوي*

تمهيــــد:
تواجه المجتمعات العربية كثيرا من المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية عجزت الحكومات والسلطات عن إيجاد الحلول الناجعة لتطويقها والحد منها وتجاوزها بعد ذلك، مما جعل الأمم المتحدة تعدها ضمن العالم الثالث أو من الدول السائرة في النمو، لكونها لم تحقق مؤشرات التنمية البشرية المطلوبة التي تتحدد في ثلاثة معايير أساسية متكاملة ومترابطة فيما بينها وهي: الدخل الفردي السنوي، والرعاية الصحية، والتعليم المتطور المنتج. وهناك من يضيف معايير إنسانية أخرى إلى هذه المعايير كاحترام حقوق الإنسان وإرساء دولة الحق والقانون وتكريس ثقافة المواطنة الصالحة.
بيد أن الحكومات العربية بمفردها لن تستطيع أبدا أن تحل جميع المشاكل والأزمات التي تحول دون تحقيق نهضتها الحقيقية وازدهارها الشامل وتقدمها الفعال، فلابد من مساعدة المجتمع المدني بجميع جمعياته ومنظماته ومكاتبه القانونية والتنظيمية ومراكزه العلمية وهيئاته النقابية والمهنية من تحمل مسؤولية المشاركة والمساهمة في بناء المجتمع البشري والإنساني وتكثيف الجهود لتنمية الوطن والأمة قصد اللحاق بركب الدول المتقدمة.
ولن تكون مساهمة المجتمع المدني إيجابية إلا إذا طبقت الديمقراطية في المجتمع الإسلامي، وآمن الإنسان العربي بالتسامح ونبذ العنف وإقصاء الآخر وكراهية الغير، واعتمد التعايش سبيلا للتنمية، واختار الانفتاح طريقا للدخول في العولمة وتحصيل الحداثة والتنمية الشاملة، واتخذ التعارف ركيزة للتعامل مع الآخرين قصد الدخول إلى سوق المنافسة المعرفية والعلمية والتقنية . لأن أي تقوقع على الذات وأية انطوائية انغلاقية سادية أو مازوشية أو أي تواكل سلبي قد يكلف الإنسان العربي ثمنا باهظا، وسيسبب له خسائر فادحة تتمثل في التراجع عن سنوات عديدة من التنمية. إذاً، ماهو المجتمع المدني؟ وما هي التنمية البشرية وأهدافها؟ وإلى أي مدى يعد المجتمع المدني قاطرة للتنمية أو وسيلة من وسائل التقدم والازدهار والنماء المادي والرفاهية المعنوية؟ تلكم هي الأسئلة التي سنحاول رصدها في موضوعنا الفكري هذا.
أ‌- مفهـــوم المجتمع المدني وخصائصه:
1- مفهـــوم المجتمع المدني:
يعتبر المجتمع المدني من الركائز الأساسية لتحقيق التقدم والازدهار وتفعيل التنمية البشرية الحقيقية. ويسمى هذا المجتمع بهذا الاسم، لأنه يتخذ طابعا اجتماعيا مدنيا وسلميا مستقلا عن الدولة والحكومة وعن كل المؤسسات الرسمية والعسكرية، على الرغم من كونه يتكامل مع المؤسسات الحاكمة تنسيقا واستشارة واقتراحا.
هذا، ويجسد المجتمع المدني مظهرا من مظاهر الديمقراطية الحديثة التي ترتكز على الحرية والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية والإيمان بحقوق الإنسان.
ولا يمكن للمجتمع المدني أن يشتغل إلا في مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويعمل على تثبيتها وتكريسها في جميع المجالات والأصعدة والمستويات. كما أن المجتمع المدني "من حيث المبدأ، نسيج متشابك من العلاقات التي تقوم بين أفراده من جهة، وبينهم وبين الدولة من جهة أخرى. وهي علاقات تقوم على تبادل المصالح والمنافع والتعاقد والتراضي والتفاهم والاختلاف والحقوق والواجبات والمسؤوليات. ثم، إن هذا النسيج من العلاقات يستدعي، لكي يكون ذا جدوى، أن يتجسد في مؤسسات طوعية اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية متعددة." [1]
ويعرف المفكر الإيطالي أنطونيو گرامشي (1937-1981) المجتمع المدني بأنه :" مجموعة من البنى الفوقية مثل: النقابات والأحزاب والمدارس والجمعيات والصحافة والآداب والكنيسة". [2] ويقابل المجتمع المدني لدى گرامشي المجتمع الرسمي أو مايسمى بسلطة الدولة، ويعرفه المفكر الألماني هابرماس بقوله:" المجتمع المدني نسيج من الجمعيات والهيئات الاجتماعية التي تناقش الحلول الممكنة لبعض المشاكل المرتبطة بالمصلحة العامة". [3]
أما الدكتور سعد الدين إبراهيم فيعرفه بأنه:" مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام، والتآخي والتسامح والإدارة السليمة للتنوع والخلاف." [4]
ومن هنا، فالمجتمع المدني عبارة عن هيئات مدنية حرة تقوم بأعمال تطوعية اختيارية لصالح الإنسان بتنسيق مع الدولة أو في استقلال عنها من أجل تحقيق التنمية الشاملة.
2- ظهور مفهوم المجتمع المدني:
من المعروف في الكتابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والفلسفية أن المجتمع المدني لم يظهر في الغرب إلا مع الدولة الليبرالية التي دافعت عن الدولة واستوجبتها للخروج من حالة الطبيعة والفوضى والإقطاع عن طريق الاعتراف بحقوق الإنسان والملكية الخاصة والعلمانية، وقد دافعت عنه الكتابات الفلسفية وخاصة كتابات جان جاك روسو التي أتت مناهضة للمجتمع الديني، فضلا عن كتابات هيگل وأنطونيو گرامشي التي قدمت تصورا إيديولوجيا للمجتمع المدني من خلال ربطه إما بالبورجوازية عند هيگل وإما بالطبقة البروليتارية عند گرامشي.
ولم ينتقل مفهوم المجتمع المدني إلى العالم العربي إلا في السنوات المتأخرة من القرن العشرين بفعل انتشار الوعي العلمي والثقافي والمثاقفة مع الغرب والانفتاح الإعلامي ومحاولة الدول العربية لتبني الديمقراطية والتيار الليبرالي وتكريس ثقافة حقوق الإنسان وإرساء دولة الحق والقانون خاصة بعد فشل الأنظمة الاشتراكية والتجارب السياسية اليسارية في جل الدول العربية.، وذهب الأستاذ حبيب الجنحاني إلى أبعد من ذلك حينما أثبت بأن مفهوم المجتمع المدني دخيل على تراث الفكر السياسي العربي الإسلامي، ولم يبرز في الخطاب السياسي العربي إلا في العقود الأخيرة، واتسم عند ظهوره بسمات خاصة جعلته يختلف عن ميزات المفهوم في بيئته الأولى، ولم يتأثر المجتمع العربي الإسلامي بهذا المفهوم إلا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي الفترة التي رحل فيها بعض رواد الفكر الإصلاحي العربي الإسلامي إلى أقطار أوربية وسجلوا ما شاهدوه. [5]
وأصبح اليوم مفهوم المجتمع المدني من أكثر المصطلحات تداولا في كثير من الحقول المعرفية والمنتظمات الدولية واللقاءات التي تعقدها المنظمات غير الحكومية وشبه الحكومية.
3- مقومات المجتمع المدني وشروطه:
يقصد بالمجتمع المدني مجموعة من التنظيمات الأهلية والشعبية المستقلة عن الدولة والحكومة والأفراد، تتكون من هيئات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وإيكولوجية ودينية، تدافع عن مصالح الشعب المشتركة ومصالح الأمة والإنسانية قاطبة. وتسعى كذلك لخدمة أهداف المجتمع الأهلي ماديا ومعنويا من أجل الرفع من مستوى التجمعات البشرية وتحقيق حاجياتها وإشباع رغباتها وتوفير الرفاهية المطلوبة والتنمية المستدامة.
ومن مقومات المجتمع المدني الاستقلالية عن كل الضغوطات الخارجية الرسمية أو شبه الرسمية والتخصص في الأعمال والمشاريع التي تنفع المجتمع البشري بصفة خاصة والمجتمع الإنساني بصفة عامة، واحترام الشرعية القانونية والتنظيمية للجمعيات والهيئات المدنية. أي لايمكن لجمعية أو هيئة أو منظمة مدنية أن تشتغل إلا في ضوء القانون واحترام مبادئ الدستور وكل القوانين المنظمة لمؤسسات الدولة، لكي لايستغلها ضعفاء النفوس لتمرير أهوائهم الإيديولوجية وارتكاب الأفعال المشينة التي تضر بالمصلحة العليا للدولة أو بمصلحة الشعب أو بمصالح الأعضاء الذين ينتمون إلى هذه المؤسسات غير الحكومية.
ومن المقومات الأخرى للمجتمع المدني التطوعية والاختيار الحر، ويعني هذا أن خدمة المجتمع مبني على المساهمة الحرة والفعل التطوعي دون إلزام وإجبار . ويكون الالتزام بالواجب والاستجابة للضمير الإنساني والمواطنة الحقة والشعور بالأواصر القومية والإنسانية من المحفزات الأساسية للمشاركة في التجمعات المدنية. ومن المقومات الأخرى لهذا المجتمع نستحضر تكامل المجتمع المدني مع الدولة عن طريق البحث والتحقيق وتقديم الاقتراحات والاستشارة و إعلان الاحتجاج البناء والنقد الهادف أو المساهمة في التغيير البديل والبناء الفعال لصالح الإنسان مع تحقيق التنمية الشاملة.
وينبني المجتمع المدني كذلك على مجموعة من الشروط الجوهرية كتحقيق الديمقراطية وإرساء دولة حقوق الإنسان والاعتراف بحريات المواطنين الفردية والجماعية، وتكوين نظام انتخابي تمثيلي شفاف ونزيه يخدم مصلحة الوطن والشعب على حد سواء. ومن ثم، فعلاقة الديمقراطية بالمجتمع المدني علاقة وطيدة، لأن الديمقراطية تساهم في :" دعم استقلالية مبادرات المجتمع المدني بالتوسع في تنظيم الجماهير وإقامة مؤسسات المجتمع المدني، والسير إلى طريق التنمية الوطنية المعتمدة على النفس للحد من العلاقات اللامتكافئة، وتحقيق قدر مناسب من العدالة الاجتماعية، تمكن المجتمع المدني من ممارسة دوره في دعم التطور الديمقراطي للمجتمع. ويحتاج السير بنجاح إلى طريق التطور الديمقراطي على ثقافة ترسخ في المجتمع التعاون واحترام الآخر والتنافس والصراع السلميين." [6]
أما الشروط الأخلاقية التي ينبني عليها المجتمع المدني فتكمن في التسامح وتقبل الآخر والإيمان بالاختلاف والاعتراف بالرأي المخالف وحب الغير والتضحية بالذات في سبيل المصلحة العامة وإيثار منطق الحوار والاختلاف والتعايش والأخوة، ونبذ العنف والتهميش والإقصاء وسياسة التغريب والتطرف والإرهاب.
ويتضح مما سبق أن المجتمع المدني يلتزم:" في وجوده ونشاطه بقيم ومعايير الاحترام والتسامح والمشاركة وإدارة التنوع والاختلاف إدارة سلمية، وهي نفس القيم والمعايير التي تقوم عليها الديمقراطية لتدبير شؤون المجتمع، فالديمقراطية أسلوب حياة يشمل كافة مجالات المجتمع. ولا يكفي أن تكون هذه القيم أساس تحرك الإنسان في المجتمع، بل ينبغي أيضا تنمية مهارات المشاركة التي تمكنه من التفكير والتصرف تصرفا يوازن بين حقوقه الفردية وبين الصالح العام." [7]
وخلاصة القول: يقوم المجتمع المدني على الحرية والاستقلالية والفعل التطوعي والتسامح وخدمة الإنسان ودمقرطة العمل والعمل في إطار فرق مشاركة والاعتماد على التعاون الجماعي والمزاوجة بين النظرية والممارسة وبين القول والفعل مع الانطلاق من الأهداف الإنسانية النبيلة من أجل تحصيل تنمية بشرية مستدامة مبدعة وفعالة...(يتبع)
..........................
*د.جميل حمداوي كاتب مغربي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nibras.ahlamontada.com
 
المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي(1/3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نبراس :: المجتمع المدني-
انتقل الى: