https://www.youtube.com/watch?v=hp-yGFieq_Qحروف باهتة...
كان سنيا مؤمنا بكل المذاهب الدينية و الفكرية التي تعج بها اقاليم و محافظات دولته ...و كم كان معجبا حد الانبهار بالنظام الذي يؤويه رغم فساده السياسي الذي لا يزهر الا بين انياب التماسيح و التي جبلت على امتصاص دم الرعية التي لا حول لها امام جبروت كافة اشكال ادوات القمع الموازية و التي يتدجج بها هذا النظام الميؤوس من اهليته رغم نجاحه في ادعان امثاله و تيسير خنوعه على شاكلتهم بكل ما يجري سنة مؤكدةلتحقيق الامن العام المفصل على مقاسات كل واحد منهم و رغبة منه في السلام على قاعدة العيش المشترك كان يدعو الله ان يحفظ وطنه من شر الفتن لكن الرياح ستجري عكس سفن الوحدة و الائتلاف.. فللكعبة رب يحميها كما اعتقد اعراب المحيط و الخليج انما هو واقع مقدس لن يمس في مساحته المعدودة امتارا و ما عدا ذلك فهو مباح ضرعا و زرعا....
ليست ذلة منه.. مسكنة او خوفا حتى من اعواد المشانق المنتصبة مقاصلها في كل ربوع الوطن او من الرصاص في اطار الاعدامات الميدانية اذ لا يصوب الا على افئدة الغيورين الذين لهم في القلب كل القيم التليدة الرامزة الى الكرامة المنصورة بدعم قراني ...لاجلها اسفا لم يجدوا سبيلا حتى الى كتم مشاعرهم في الغضب و الاستنكار...هولاء الاحرار الماجدون... فكان الوطن غرفة الغاز التي انشاتها القوى العظمى لاجل مباشرة الانتحار الجماعي ابادة لروح الوحدة و محقا لمحو توابث الهوية المجيدة المهددة لشعوب ما وراء البحار.. ورغم الاضطهاد النفسي بكل الوانه لازال يعارك.. يصارع.. يقاوم و يقاوم وي.ق..ا..ا..و..م...
لاجل الوحدةالوطنية شعارا و مطلبا و بلغة العشق المحموم نارا تستعر حبا بالهوية و التاريخ كان يتكلم راويا يحاور فيلسوفا يحاجج خطيبا و يتكلم مواطنا جريحا منكسرا بالفاظ قوامها الاشفاق على المصير تنتقى بجلال المعنى المحمول على ظاهر السياق مجرى في نهر الوطنية حبا وولاء
و من ثمةكان علة الوعد صادقا فيما يعلم من صغاره معانى الواجب ..و احترام الاخر المخالف و المختلف و القبول به ضمن الجماعة صغرى كانت او كبرى لاجل البناء و التكثل و مجابهة الاعداء في الدين و السياسة و الاقتصاد مستدلا بما قاله –جاك دلورمفوض السوق المشتركة و- رولان دوما وزير خارجية فرنسا ومفاده انه على العرب تقديم تنازلات و من بينها الاعتراف بالتخلي عن امالهم في بناء الوحدة العربية...—و لازال يقاوم بمناعة شديدة تطعمها اياه قيمه التاريخية لكن نهاية ادر كان الرؤساء و كبار الساسة هم من ينفذون سياسة تقطيع اوصال امتهم و من تجليات ذلك انه:
-- لم يتم الاعتراف بوطنية الفرد ضمانا لحقوقه العامة في بلد و ما ولد غير الدمار و الشنار فجبل احياؤه في الرحم جميعا على النار و الانتقام و العبودية و الاستسلام --
كانت هذه اخر كلماته بعد ان ادرك حانقا.. مكتئبا.. حزينا كيف ان عشيرته تمتص من الوريد دما قانيا بفعل جزافيات الضرائب المهشمة للجناح الذي خلق على اصله مهيضا اذ لا يقوى على التحليق حرا في سماء الكرامة...ولكي يظل رهين هامش الفقر كان لا بد له ان يتعثر ثقافة علما و تعليما و بكل المعارف التي جعلته بقهر الفراغ رقما يعزز ضحايا مكر ذلك النظام الذي ابدع من ادواته الهندسية ماجعله يتصيد كل مثقف عضوي لم يؤمن بفضاء الكسب غير المشروع او المنهوب سببا لانعاش اقتصاد الريع و هو يعلم ان ارضه غني اذ فيه من الخيرات ما ينهب في غياب ثورة تحقق عدالة في توزيع الثروة فكان ان فرضت عليه بعد رصده ووشمه كغيره من شمةع التنوير غرامات وهمية قاصمة لظهر البعير اذ يتحسسها رغم اميته الابجدية انها غير معبرة عن وعائها الاصلي و ذلك بغية الامعان في التفقير و التبخيس صناعة و تنميطا لسلالات لا تنقا ذالا بالسوط و القيد و الاعدام الرجيم..
فيالها من نظرية الاجهاض الحبلى بلقاحات سامة ضد الاجنة الحرة لحظة التكوين
و في ظل هذا الاحتقان كانت جماعة داعش تتفرخ بين عموم الشعب الذي آلى على نفسه حمايتها بتقديم الغطاء الكافي لها كأن صار كل فرد منهم يعيش بينهم مواطنا عاديا
كم من عجوز حضن داعشي بين ابنائه و ستره بالصمت و الاطباق تمويها للبصابصة لحظة اشتعال الثورة في بدايتها فما كان الا ان دافع عنهم في اطار مشروع خاص لم تتبين نواياه الا بعد السيطرة على الارض و على مواردها
الجميع لم يدرك ان تلك الجماعة لا يمكن القبول بها اول الامر كبديل تصحيحي مقاوم لنظام البعث الذي احيا رغم التهديد بسحب بساط كرسي الرئاسة من تحت رجليه جميع اشكال التنابذ البيني ..فضاع الوطن.. وضاع خيار السلم الاجتماعي بين عموم الناس...
اما عن نفسه فهو رغم بساطته لم يقبل اول الامر بهم كدخلاء او عملاء للبيت الابيض الا بعد ان اخذت البراميل الحارقة تصب على رؤوس العزل من عامة الشعب..و يذكر يوما السبب الذي جعله يلتحق بهم و يدافع عن عقيدتهم بكل شراسة.. فمنذ اليوم الذي اعتقلت فيه زوجته على ايدي جنود النظام تحت طائلة التحريض على الثورة ..سجنوها فاغتصبوها حتى ماتت جراء نزيف داخلي في مهبلها...
خبر كالصاعقة تقبله بداية قضاء و قدرا لكن الامر لا يعدو ان تطور الى استهداف كل الاشخاص الذين امنوا بشرعية الخلافة على منهج النبوة حلا ممجدا لا سيما بين من يرى من بين هؤلاء ومن عمقه نور الاسلام / بشائر تغييرتعظيما للانسان و تشريفا للعمارة الاسلامية فقاوموا مؤمنين لاقراره بديلا.. لقد قدر الله ان مهد الطريق الى حلم الكرامة
حين عاد الى المنزل منزله مساء ذلك اليوم الاسود الرهيب.. يحاول عبثا ايجاد ابناءه فلم يجد الا اعمدة الدخان و قد ارتفعت من تحت الانقاض ..... و في كل الازقة اشتعال و صياح و عويل ..مواطنون هرعى الى اغاثة الجرحى و ممن كان لهم نصيب في هدم الوطن ظنا منهم انه سيبنى على اسس متينة يوم تضع الحرب اوزارها
انخرط في خلايا المقاومة و كان كلما حشا الرشاش الا وقال عند كل ذخيرة :
-- هذه من اجل الضرائب و الغرامات التي ارهقتني و جوعت ابنائي .. هذه من اجل السجون التي لم تفتح ابوابها الا لمعتقلي الراي في حين كان البلاطجة جنود النظام الغير النظاميين لقهر الامنين داخل جدرانهم و هذه للتجويع و التركيع و الاخيرة لاجل شهاتي في وطن عاقر لا ابناء له
كان معلما يقظا ملتزما بخطاب التربية كمنهج للحياة فاذا به يسقط شهيدا في ساحة الشرف و تحديدا على اعتاب مدرسة ابتدائية تعلم فيها يوم كان صغيرا رموز الحياة في السلم و الحلم و الامل...و كما اعتقد من وحي ذاكرة المكان ساعة الاحتضارانه قد ادى الامانة بفرض الجهاد .. وقد انتابه احساس بالتردد ثم تساءل دامعا ليس ندما بل عتبى على من باعوا الوطن بابخس الاثمان:
-- باعوه لامراء الحرب يوم استنزاف المواطن و قهره و سرقته بسلطة الزبانية المنتصبين للقيام باعمال الاغتصاب و...و......و..
تسمرت عيناه في سبورة مكسرة امامه متدلي جناحها الايسر داخل حجرة مهدمة امامه و قد كتب عليها بحروف باهتة ابجديات الضاد...
اخد يتملى الحروف كانه يركب من صواتها جملة مفيدة معبرة تختزل ما عاشه من يوميات كمعلم سوري و الوطن من الام .. فبدل النطق بالشهادة كانت حشرجة الموت حروفا متقطعة :
-- أ..هذا ال..خر..اب وط..ني..؟؟؟؟
محمد القصبي
القصر الكبير
المغرب الاقصى
https://www.facebook.com/mohamed.elkasbi