حِجـــة أبو الحصين

حِجِّـــة أبو الحصين
عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

في موروثنا الشعبي .. تقول الرواية بأن " أبو الحصين " عزم أن يحج ، وقد فرحت الدواجن والطيور بهذه الخطوة التي قد تغير من مواقف " أبو الحصين " وعدوانيته نحوها . وبعد عودة " أبو الحصين " من الديار المقدسة ، اجتمعت قبيلة " الشحارير " وتشاورت في الأمر وقرَّرت أن ترسل وفداً لتهنئة " أبو الحصين " بعودته سالماً والمباركة له بالحج كبادرة حسن نية وفتح صفحة جديدة من العلاقات الطيبة .
فذهب كبير " الشحارير " إلى جحر " أبو الحصين " ونادى عليه ، وأطل " أبو الحصين " من الجحر فوجد كبير " الشحارير " أمام الباب ، وقال : له يا حج " أبو الحصين " لقد جئتك باسم " الشحارير " لأبلغك بأن وفداً من ثلاثين فردا من كبار " الشحارير " سيحضرون للسلام عليك والمباركة لك بالحج . فقال له " أبو الحصين " يا مرحباً .. يا مرحباً بكم ، وأرجو أن تنتظرني قليلا قبل أن تحضرهم .
بعد لحظة فوجئ كبير " الشحارير " بـ " أبي الحصين " يخرج من الجحر وقد ارتدى عباءة وحطةً وعقالاً ومسبحة طويلة تلامس الأرض وعدداً من أعواد البخور وسجادة صلاة . فذهل كبير " الشحارير " ممَّــا رأى من تحوُّلٍ على " أبي الحصين " وقال الحمد لله لقد كان رأياً سديداً ذلك الذي اتخذناه للحضور وتهنئة " أبي الحصين " .
عاد كبير " الشحارير " طائرا إلى جماعته لينقل لهم عَجبَ ما رأى وليحضر الوفد الذي وعد به " أبا الحصين " .
وفي طريقهم إلى جُحْرِ الحاج " أبو الحصين " قابلت الوفدَ مجموعةٌ من طيور " الزرزور " فسألت أين وجهتكم ؟ فقالوا : إننا ذاهبون للمباركة للحاج " أبي الحصين " بعد عودته وقد وجدناه قد تغير والحمد لله يرتدي العباءة والكوفية ولا يجلس إلا على سجادة الصلاة وبيده مسبحة طويلة وتحيط به أعواد البخور ، فرغم حذر " الزرازير " مما سمعوا لكنهم قرَّروا الذهاب مع " الشحارير " طالما أن الصورة كما قالها رفاقهم .
وصل الجميع فوجدوا الحاج " أبا الحصين " مُتكئاً وهو يُسبحُ وقد أذهلهم حسن استقباله لهم وعذوبة كلامه وحسن مجالسته . وما هي إلا لحظة حتى بدأ يَنطُّ وينقض عليهم ويلتهم الواحد تلو الآخر .. فصاح فيه كبير " الشحارير " يا " أبا الحصين " .. يا حج " أبا الحصين " لقد أعطيتنا الأمان وعدت تائبا عمَّـا فيك من خصال بعد الحج وظننا أنك قد تغيرت .. فقال لهم لقد تغيَّرَ فيَّ كل شيء إلا " النط " لقد كنت في بلاد الحج الحاج " أبو الحصين " لكنني هنا أظلُّ " أبو الحصين " .