بوش هب الريح

بوش هــــــب الريح
عبد الشافي صيام ( العسقلاني )





أسفي ليس عليه ، فهو لا يستحق الأسف ، لكن على أولئك الذين يتباهون أنهم صافحوا سيد البيت الأبيض والتقطوا معه صور المباهاة والتذكار ، وكلما عادوا دخل كل واحد منهم على زوجته ، وبـَدَلَ أن يـُقدِّمَ لها هدية ـ إن كان ممن يشترون هدايا لزوجاتهم بدلاً من صديقاتهم ـ ويقول لها شوفي يا " مَرَهْ " صُورَتي مع بوش .. علقيها في صدر الدار .
سؤالي للقارئ الكريم وهو يُطالعُ الصورة تحت عنوان هذا المقال هل ترد على باله أو تجول في خاطره هذه التساؤلات ؟ !!!
هل صحيحٌ أن هذا هو من غزى أفغانستان ، واحتل العراق ودمَّرَ أهم بلد عربي ، والداعم بلا تحفظ للكيان الصهيوني ، والناهب بلا حياء لمقدرات أمة العرب ؟
هل صحيحٌ أن هذا هو الراعي الأكبر لمجزرة السلام ، وواضع خارطة الطريق ، ومستضيف أكروبات "أنابوليس" الذي تغنى به "حماة حمانا" ونشرَ المحللونَ والمعلقونَ والناطقونَ حوله مئات المقالات والتحليلات السياسية ؟
هل صحيح أن هذا هو من يـُفرَشُ له السجاد الأحمر وتعزفُ له السلامات والمارشات العسكرية ، وتـُنـَزَّلَ له ساريات الأعلام ، وتقدم له أنفسَ الهدايا ، وتنحني أمامه الرؤوس وتقوس له القامات ؟
هل صحيح أن هذا هو صاحب حلم الدولتين .. دولة للفلسطينيين .. ودولة للإسرائيليين ؟
صدقوني أنني عندما وقعت عيناي على صورته البهية رأيت فيها صورة المتيمين والمبهورين به من مسئولين وخيالات مآتة المسئولين ، والصورة في إطارها العام لا تختلف كثيرا عن صورة مستشار سياسي يطالعنا دائما معلقاً على الأحداث أو مُحللا لها والفارق الوحيد أن السيد بوش " زامّاً " فمه ، وصاحبنا " فاغراً " فاه .
لا أعتقد أن هناك سبباً أكثر وجاهة لأن تلفظ الشعوب الحيَّة حكامها من هذا السبب المباشر .
أين أصحاب الأقلام المصابة بـ " سـَــــــــــــيلان " الكلام ، لماذا لا يتحفوننا بتحاليلهم وتفسيراتهم وتبريراتهم ، وهم الذين اتهمونا بالجهل والتخلف وعدم القدرة على الفهم الحضاري . وأحدهم قال موبِّخاً كل من لا يبصم على " أنابوليس " بأنه شخص لا يعرف في السياسة ولا الاســـتراتجيات الدولية مثل السيد الرئيس ( أي رئيس ) ثــاقب الآفــاق وواســع الـــرؤى ، وربمــا ثاقب " الأوزون " .
كنا نرى في كل ما يجري حال ذلك الرجل الذي ذهب إلى حائك ثياب أو ( ترزي ) كما يقول إخوتنا في مصر ، وطلب منه أن يخيط له بدلة من قطعة قماش أحبها ، لارتدائها في مناسبة عزيزة عليه ، وبعد أخذ المقاس قال له الترزي بأن البدلة ستكون جاهزة بعد أسبوع .
جاء الرجل حسب الموعد ، وارتدى البدلة فوجد أن الأكمام واحد طويل والآخر قصير ، وأن (البنطال) أي السروال كذلك ، وأن أكتاف الجاكيت منتقخة .. فصاح في الرجل وقال له ماذا فعلت ؟ وبكل برود حضاري قال له لا تقلق البدلة ممتازة وهي على نفس مقاسك . وبدأ الترزي يُوَجِّه الرجل .. الكم اليمين طويل .. أخرج يدك إلى الأمام ، والكم اليسار قصير .. اسحب يدك إلى الخلف ، والكتف الأيمن مائل .. ارفع كتفك إلى الأعلى ، والكتف الأيسر طالع .. نزل كتفك قليلاً . وبقية الأطراف على نفس الشاكلة .. ادفع "قفاك" للخلف ..الخ !! .
خرج الرجل من عند "الخياط" وسار في الشارع ولاحظ أن كل الناس ينظرون إليه ويقولون .. سبحان الله انظروا مهارة الخياط الذي صنع هذه البدلة لهذا الرجل المشوَّه .
لا أعتقد أن هناك تشويها في هذه الحياة أكثر من صورة الرئيس وهو يرتدي تلك البدلة . خاصة إذا ما أخرج "الرئيس" ريحــــــــــاً .

ملاحظة : هذا الرابط لنقل صورة الرئيس الأمريكي المطلوبة للمقال من موقع ( شبكة فراس الإعلامية )
http://fpnp.net/arabic/?action=detail&id=20516