منتديات نبراس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نبراس

منتدى يهتم بعالم الابداع و التربية والتعليم والثقافة و الحوار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ركاطة حميد




المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني) Empty
مُساهمةموضوع: متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني)   متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني) I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 25, 2008 12:16 pm

إن هذه الخلخلة كانت مقصودة، وربما الهدف من ورائها تعرية زيف الواقع واللا منطق، وإبطال لظاهر كل اعتقاد، وكشف لبواطن الحقائق المضمرة عنوة، وبالقوة، ولكل منطق مغلف بالزيف والخداع، ليتم تصريفه من خلال سلوك طبيعي. وهو ما شكل عودة إلى البدايات، ورجوع إلى الاحتكام إلى منطق الباطن وهو أمر فسره، كذلك، استنكار المخلوقات العجائبية الأخرى الأشجار/الأحجار/والبوم، للمطالبة بالاقتصاص لدم العدرة/دم القرابة/الثأر، وفي نفس الوقت عودة لمنطق الغاب المكتسب الذي تجلى في تصالح الاخوة الثلاثة وإجماعهم على الانتقام للشرف بدافع المصلحة دون مراعاة لإنسانية الإنسان وحقه الطبيعي في الحياة. وإحالته على الصراع السرمدي للحكي بين الخير والشر وهنا كانت الغلبة للشر، والطموح، والربح السريع، فاغتيال الأخت المتصارع حولها، سيشكل تآزرا وبالتالي تلاحما وتعاضدا، لينظروا إلى المستقبل بتفاؤل ، ومشروع طموح لتحقيق الرغبات والانتظارات "قال الأكبر كانت ابنتي/قال الأوسط كانت أختي/قال الأصغر كانت أمي" ص68، وهي ادعاءات باطلة، وكاذبة، ومنافقة، من خلالها استمد كل منهم مشروعيته، وأحقيته في الاستفادة من ريع مداخيل مزارها "الشريف" بعدما بنوا أسسه، وأحاطوه بقداسة كبيرة، وقدموا له النذور والقرابين، فتحول القبر إلى مزار و دفينته إلى قديسة، ومداخيله إلى غنيمة مسلوبة غدرا، وقهرا، "وإذا التقوا حول "الربيعة" قالوا نحن اخوة، وإذا خلوا إلى شياطينهم، قالوا إنا معكم، غنما نحن مستهزؤن" ص 68.
وهي الصورة الساخرة التي يقدمها القاص أحمد بوزفور بقتامة عن واقع الإنسان العربي المريض والمصاب بكل الانفصامات في شخصيته، وعن تطلعاته الفاقدة لكل منطق، أو عقل، والخالية من كل مشاعر، المتفسخ سلوكا، وأخلاقا، وعقيدة.
وهو ما سوف يثير ردود فعل من خارج الوسط الموبوء من طرف "سكان الأضرحة [لتدارك] أمر الأرض، والزمن الفاسد، والجيل الماسخ، لم تقبل في الجمع شفاعة، واتفقوا، وأعطوا التسليم، وصلوا الفجر جماعة. ص68.
هو حدث غير منتظر يأتي كخاتمة لأحداث مثيرة لقصة أكثر إثارة، وقرار الجماعة كان لا رجعة فيه لتغيير المنكر، واستتباب الأمن بالغاب، وإحقاق قوة الحق والمنطق، للضرب على أيدي المعتدين باعتبارهم المرجع الأساسي، والوصي عن تطبيق الشرع في حق كل جانح أو خارج عن المألوف والملة …
إن تحديد هوية الحق للحق أو الجماعة، يمنح الإحساس بكونه تنظيم ذو تراتبية مبني على الاحتكام لمرجعة خاصة منطقية ومألوفة لدى القارئ، غير أن أبعاده وإحالاته ترجعنا إلى عصور خلت وماضي تليد إبان الغزوات الإسلامية ضد الكفار والعابثين من الناس أو محاربة الخوارج، في الماضي، أو أحالة على نوع من التصوف ، بينما في الحاضر إشارة إلى تنظيمات سرية أو إسلاموية … وهو ما يضعنا في حيرة ومأزق وسقوط في شرك المرجعية التي بنيت على أساسها وضمنها هذه القصة، ليبقى نص الغابر الظاهر، يمتح من أحداث كل الأزمنة، ومفتوح على نهايات، واحتمالات متعددة في وجه كل قراءة متأنية، ليتحول إلى نص رغم سهولته ممتنعا، وكثيف الرمزية ومتعدد القراءات والدلالات، مما سيمنحه سرا، وقوة خفيتين، وقدرة حربائية على التشكل من جديد.
على سبيل الختم.،
إن الطابع الغالب في نص الغابر الظاهر هو توظيفه، بل اعتماده على قالب أسطوري أملته اختيارات محددة سلفا، نظرا لقدرته على استيعاب أنماط وأشكال ثقافية متعددة، تمكن من خلالها القاص الأستاذ أحمد بوزفور، من تطريز فضاء النص بجماليات متعددة، ومحكيات مختلفة اعتمادا على لغة اليومي، والمألوف، والمتداول لإصباغ طابع المغربية على هوية النص.
وإذا كانت القصة الأصلية بسيطة، وعادية جدا، تبدأ بهروب الاخوة الثلاثة بفعل سوء معاملة زوجة أبيهم، ونزوحهم إلى الشارع الذي احتضنهم في غابته الإسمنتية ومرنهم على قساوته وأرغمهم على اعتناق مذاهب الانحراف، والانحلال، والتفسخ، التي اعتنقتها أختهم فرارا من واقع القسوة والحرمان بعد التغرير بها، وارتمائها في جحيم الدعارة، كان بهدف تقديم بعد عميق لواقع المأساة داخل وسط تنتفي فيه الأصول، وتضيع فيه الأنساب، وتختلط بل تتهجن بفعل استباحة كل محظور، وهو واقع أبرزه بكل قتامة زمن كتابة النص مغرب الثمانينات، وما عرفته تلك العشرية من توالي سنوات حرجة اجتماعيا، وسياسيا، واقتصاديا وبالتالي دخول البلد في منعطف خطير وحرج ..
ولم يكن عنوان القصة بالهين، أو البسيط في دلالته، فالغابر (سر) والظاهر/سراب، وكلاهما ممتنع في القبض عليه، أو الكشف عنه، لكن تمريره همسا من خلال أحداث النص جاء منطقيا ومتسلسلا وضمنيا، فما هو الغابر الذي أرادنا القاص كشف أسراره وسبر أغواره ؟ وبالتالي أين يكمن ذلك الظاهر الذي نراه، وندركه، لكننا نعجز عن فهمه أو الإمساك بخيوطه السحرية ؟
لقد كان تشفير لغة النص، ومحاولة ترويضها من الصعوبة بمكان، فالحكم على ظاهر الأشياء كان مغلوطا منذ البداية، وخاطئا نظرا للإشكالات التي يطرحها النص، فهو يحدد ويضع الخبر محط شك ليفقد مشروعيته بسرعة بعد ذلك، وكأننا إزاء بلاغ أو وشاية كاذبة مررت من طرف أحد أعوان السلطة، بحيث كان تضخيم الحدث والمبالغة في الخبر بشكل كبير، وبالتالي نفيه ببرودة، وهو نفي أفرز إحالة شاذة – خروج الاخوة إلى الغاب ليلا وهو خروج فيه جنوح ومغامرة.
إن الليل يرمز إلى السيولة، كالماء في قدرته، ومن ظلمته تخرج أشياء لترى النور، وهذه واحدة من الأفكار التي سيطرت على ذهن الإنسان عبر مرور التاريخ، ومنحت الطبيعة قوة قادرة على الخلق والتشكيل العفوي.
إن الفكرة في إطار المرجعية الأسطورية مخالفة ومغايرة للفكر الديني الذي ارتكز على تناسق بين الكون والإنسان، واعترف بقدرة الله جل جلاله في الخلق وتنفي عنه كل صفة إنسانية. كما أن العلاقة بين الخالق والمخلوق تحكمها إرادة وقدرة الخالق … وما يمنح تلك القوة للنص والتقائه مع الأسطورة الإغريقية ،هو اتخاذهم للذئب أبا وللغاب …
وكذلك في حياتهم وهم شبه متخلى عنهم يعيشون في مغامرة مفتوحة، يكتشفون ويتعلمون، ويتطبعون في وسط العنف والقوة كما أظهر النص نوعا من حيرة الأبطال، أمام العديد من الاختيارات الصعبة فكان الوقوع في الخطأ .. وبالتالي سوف يتأتى البحث عن الصواب في نهاية النص من طرف قوة خارجية وليس منهم، في محاولة للتطهير أو التطهر من خلال رحلة البحث عن الصواب والخير نزولا من الأعلى نحو الأسفل .. وهي محاولة لتفسير الأسطورة تفسيرا جديدا، من خلال الربط بينها وبين مشاكل العصر، واتخاذها قالبا رمزيا لتسريب أفكار بشرية من داخلها، ثم إعادة صياغتها من خلال لغة، وخيال ووجدان معاصر.
إنها المغامرة التي تحمل في طياتها أكثر من سر وتساؤل، والتي كان أحد أبطالها القوة، والأخر الجمال والثالث الذكاء.
ولعل واقع الحياة المنحرفة بجمالها المزيف وجبروتها القاتل، ودهاء وذكاء أصحابها الغادر، وكأن القاص يكشف لنا عن الحجب والأسرار في مملكة الصمت حيث ينتفي ويختفي كل متعارف عليه أو متفق عليه ومألوف. وكان لا بد من تأجيج الصراع بتوظيف شخصيتين أنثويتين الأولى ظهرت واختفت بينما الثانية (كوثر) ظل حضورها متميزا وحارقا حتى نهاية النص، وحضورها دفع بالحدث إلى أعلى ذروته، وأبرز تواجدها غابر ما كان ظاهرا.
إن الإقدام على قتل الأخت كان في حد ذاته تناص من حكاية النص القرآني "قتل قابيل لأخيه هابيل، وهو تناص تجلى كذلك من خلال توظيف مضمون النص القرآني مرتين في الإشارة إلى المنافقين من كفار قريش" وكأننا أمام تأكيد على المرجعية القصصية للأستاذ أحمد بوزفور، وهي مرجعية متنوعة ومتعددة، اعتمدت على التوظيف والإيحاء والترميز بهدف تحقيق نوع من الاستمرار التاريخي أو الإعلان عن أصالتها وجذورها التاريخية، وبالتالي استمرارها في الواقع الراهن.
أما بخصوص السر الثاني والمتمثل في الجمال أو الفتنة فقد تمت الإشارة إليه أثناء الحديث عن المرأة المبتسمة دوما، والتي كانت لها صفة من صفات الجن من خلال ظاهرتي (التجلي/،والاختفاء) وكذلك في الجمال الحارق للنار/والنور على سواء، ثم إشارة إلى اللذة والفساد والخطيئة المتجلية في جسد الأنثى (المرأة/كوثر) وما أثاره من طمع سواء في الحياة أو الممات وهو جمال آفل مزيف وخادع ومصدر لكل القلاقل والصراعات.
في حين تجلى السر الثالث في الذكاء ويمكن اعتباره دهاء شيطانيا، تجلى من خلال قدرة أصحاب الخوارق وذوو العاهات في قدرة إقناعهم وإجماعهم على تزيف الحدث، وفي دهاء وخداع المرأة المبتسمة في إقناعها لكوثر وإدخالها جحيم الدعارة، بالإضافة إلى تبريرات كل من الإخوة الثلاثة لأحقيتهم بشكل أو بآخر للاستفادة من مداخيل الزاوية "أو الربيعة" عندما اعتبروا كوثر (أما/أختا/ ابنة) لهم وهي ثلاثية متوارية، شكلت مفاهيم فلسفية غابرة في ثنايا النص … تم توظيفها بإدراك ووعي للكشف عن حركة الديمومة والصراع الذي تنطبع بها الأشياء من خلال توحيد الأضداد والتأليف بينها في وحدة محكمة داخل درامية النص القائم على الصراع المحتدم بين الإنسان وقدره، وهو أمر من شأنه تقريب المسافة بين الأسطورة والقصة من حيث الخلق والتعريف بأصل الأشياء، وبالتالي الصراع من أجل السيطرة عليها .. كما أن هناك سرا آخر تم رصده انطلاقا من زاوية الالتقاط من الأعلى، فالبوم الذي كان يطلع على الأحداث ويلتقط تفاصيله وحيثياته، ثم الجماعة في أعلى الجبل (أصحاب القبب الخضر) الذين قرروا تغيير المنكر، فالنظر من الأعلى إلى الأسفل إشارة إلى المقدس وهي تيمة مركزية اشتغل عليها في النص وكأننا إزاء أشخاص لهم كرامات وقدرات (أولياء الله الصالحين) كإشارة مثلا إلى الولي الصالح عبد السلام بن مشيش وكرامته المتجلية في أمره للجبل المتحرك بالسكون فسكن بقدرة الله بعدما خرج الأمر عن السيطرة من طرف الآخرين … وما عزم الجماعة على تغيير الأوضاع واستتبابها بالأسفل وإصلاحها بعدما فار تنورها إلا إشارة بليغة للمقدس في النص. لكن السؤال هو لماذا ظل هؤلاء يلتزمون الحياد طوال تلك الفترة ؟ وهل كان من الضروري إجماعهم، واتخاذ قرارهم بعد حادثة القتل، ثم من هم الذين تدخلوا وطلبوا الشفاعة فلم تنفع شفاعتهم ؟

إن خاتمة النص تضعنا أمام سؤال مفتوح نتيجة واقع متردي لكن نتائجه المتوقعة تتطلب تخمينات وتفسيرات متعددة.
فالأشجار والأحجار والبوم، هي من مكونات الوسط الطبيعي ويمكن إسقاطها على الفئات الاجتماعية في هرم الدولة، حيث يمكن اعتبار الأشجار العارية الفئة المثقفة الملتزمة بالحياد السلبي، والأحجار بأصحاب المصالح والنفوذ والقوة، أما البوم، هو جهاز مخابراتي للدولة الناعق والساهر على أمنها .. والأطفال العامة والغوغاء والمتمردين، في حين مثلت كوثر الوجه الحقيقي للبلاد، بكل صفاتها وبراءتها والتي أضحت عرضة للاستغلال والتغرير والهتك والاغتيال أو القتل، لتبقى قصة الغابر الظاهر، صرخة قوية ترصد مغرب سنوات الرصاص والجمر بكل مآسيها وجوائحها، في قالب أسطوري بليغ استلهم مقوماته من الواقع الثقافي المغربي بأسلوب ساحر أو ساخر وصادم في نفس الوقت، اعتمد الإبطان والإضمار تارة، والترميز والتلميح تارة أخرى، داخل متاهة حكي يتطلب من القارئ امتلاك مفاتيح لكشف حجبه وأسراره الحارقة والنازفة على الدوام ...

---------------------------------------------------------------------------------------------
* مجلة خطوة، العدد 2، 1986



ركاطة حميد
خنيفرة 2008.07.04
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sadouki
Admin
sadouki


المساهمات : 274
تاريخ التسجيل : 05/02/2008
العمر : 60

متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني) Empty
مُساهمةموضوع: رد: متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني)   متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني) I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 19, 2008 3:12 pm

أشكرك اخي المبدع حميد ركاطة حميد على غزارة كتاباتك وحملك لهم التواصل الثقافي المتعدد الوسائل والمقاربات.
دمت مبدعا متألقا كما عودتنا دائما.
مودتي الدائمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nibras.ahlamontada.com
 
متاهات الحكي بين الرمزي والأسطوري في" قصة الغابر الظاهر"(الجزأالثاني)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نبراس :: أدب(نصوص،نقد،قراءات...)-
انتقل الى: