جمعية اللقاء المسرحي تستضيف الدورة الخامسة من مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال ج /1

المساهمات : 172 تاريخ التسجيل : 16/02/2008

جمعية اللقاء المسرحي تستضيف الدورة الخامسة من مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال

ـ الجزء الأول ـ

إن مسرح الطفل ليس مجرد وسيلة ترفيهية فحسب، بل يعتبر من أهم الوسائل التربوية التي تساهم في تنمية شخصية الطفل و الارتقاء به معرفيا وأخلاقيا. و يهدف مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال الذي دأبت جمعية اللقاء المسرحي بأصيلة ( شمال المغرب) على تنظيمه منذ 5 سنوات، إلى إغناء منظومة القيم الفنية و الإبداعية عند الطفل الأصيلي، من خلال مشاهدة و اكتشاف تجارب دولية مغايرة لمسرح الأطفال قصد تمثلها و تطويرها، في ممارسة مسرحية محلية قوامها الانفتاح على بعض التجارب المسرحية العالمية.

كانت أبواب سينما مكالي مشرعة على مصراعيها لاستقبال صخب و شغب الأطفال الذين توافدوا إليها بدون انقطاع منذ الساعة السادسة مساءا، من أجل الاحتفاء " بمهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال " في دورته الخامسة، الممتدة من 3 إلى 9 يوليوز 2008، وقد كانت هذه الدورة بمثابة الولادة الثانية لمشروع بدأ يخطو نحو العالمية بامتدادات نوعية ستغني مجال مسرح الطفل في الوطن العربي و حوض البحر الأبيض المتوسط، وأعلن عن الدورة الخامسة بلوحات فنية بعنوان : " rêve et cauchemar" من إخراج عبدو جلال و أداء براعم جمعية اللقاء المسرحي، ثم أعطيت الكلمة للأستاذ عبد الإله فؤاد مدير المهرجان الذي اعتبر"حق الأطفال في الممارسة والاستمتاع بالفنون" شعار الدورة الخامسة للمهرجان، مؤكدا على أن المهرجان الذي تحتضنه أصيلة منذ 5 سنوات إنما هو نتيجة وفاء مجموعة من الأصدقاء و الغيورين على الفعل و الفن و الإبداع،( سلطنة عمان، قطر، العراق، الكويت، تونس، البحرين، الامارات العربية المتحدة، اسبانيا،...)، كما رحب بكل الفرق المسرحية التي تكبدت عناء السفر من أجل الصداقة، من أجل أن يتمتع الأطفال بالمسرح ، ثم تناول الكلمة أعضاء لجنة التحكيم: إدريس المامون (المغرب)، نضال الدرازي (البحرين)، منصور المنصوري (الكويت)، راؤول باريخا (اسبانيا)، رشيد بكاج (المغرب).
و على الساعة التاسعة و الربع مساءا انطلق العرض المسرحي الأول الذي قدمه النادي المسرحي للمدرسة الجديدة / طنجة، بعنوان "الفزاعة" للمخرج مصطفى شوقي وتشخيص: هشام الموساوي، هالة الحمياني، أمينة الحداد، زكريا بنخجو، خولة الطالبي، محمد كيمية، مريم يونس، رشيد الوالي، لحظات ممتعة ومتميزة ، حيث جسد أبطال المسرحية شغب الطفولة و رغبتهم في تكسير الفضاءات المغلقة، ليمارسوا لعبة التجوال و التسكع الجميل بين مساحات الحقوق اليانعة، بحثا عن حريتهم و هروبا من العنف الأسري و التربوي الذي يمارس عليهم، وأثناء تجوالهم يصادفون فزاعة غريبة تتوعدهم بالمطاردة في النوم و اليقظة و تكبس على أنفاسهم لمدة طويلة، قبل يكتشفوا أنها مجرد دمية من قصب و قش و أن الفضاءات المغلقة ليست سوى وهم صنعته الفزاعة.
و قد شهد اليوم الثاني من المهرجان على الساعة 11 صباحا جحافل من الأطفال الذين توافدوا على سينما مكالي لمشاهدة مسرحية " الأميرة و التفاح " لفرقة سفن ستايل الكويتية، و التي أخرجتها سلوى الخلفان وقام بتشخيصها : شهد الياسين، خالد البريكي، محمد المخيني، منصورحسين، حمد اشكناني، يعقوب بولاند، مجيد حميد، سليمان العتيبي، أحداث مثيرة شدت أنفاس الأطفال المتعطشين إلى الفن المسرحي، و هم يشاهدون الملك صاحب شجرة التفاح الذهبي ، يأمر ولديه بمراقبة الشجرة لمعرفة للتعرف على سارق التفاح الذهبي ، و مع توالي الأحداث يكتشف الأمير الصغير أن السارقة هي أميرة جميلة واقعة تحت تأثير ساحر شرير، فيقرر الأميران مساعدتها وتخليصها من سلطة الساحربكل حكمة وذكاء، ويعود الأميران و الأميرة و الساحر إلى المملكة، ليتزوج الأمير الصغير من الأميرة الساحرة.
كما عرف المهرجان مشاركة نادي السلام التونسي، بمسرحية " جحا الغبي و جحا الذكي" للمخرجة منى الجموسي و تشخيص: عزيزة الشريف، توفيق الزحاف ،آمنة الفقي، فارس المسدي، علاء الرقيق، مجد الحاج قاسم ، آمنة عمار،هالة فراتي، مريم عباس ، شامة المسدي ، فدوى الشريف، و تتحدث المسرحية عن جحا الذي عاش غبيا ،فقيرا، يحتال عليه جميع الأطفال و الجيران، و ذات يوم كذب كذبة بيضاء، فأصبح ثريا يسكن في قصر كبير، يخدمه الجواري و الغلمان، يعيش في سعادة واطمئنان.
و قد تخلل المهرجان ورشة الرسم التي انطلقت على الساعة السادسة مساءا، كشفت قدرة الأطفال على الخلق و الإبداع، و قد ساهم في هذه الورشة جمعية تواصل للأعمال الاجتماعية، ثم انطلقت فعاليات الكرنفال على الساعة السابعة مساءا من فندق وادي المخازن في اتجاه بعض شوارع المدينة قبل أن يحط رحاله بدار الشباب، و قد شاركت الفرق المسرحية المشاركة في المهرجان بأزياء مختلفة و غريبة ، مرفقين بالدقة المراكشية وكناوة الذين أعطوا للكرنفال لمسة شعبية مغربية واثار الكرنفال انتباه سكان أصيلة الذين وقفوا مشدوهين لمراقبة هذا الاستعراض الفني والإبداعي.
و اختتم اليوم الثاني بمسرحية " نيكاتيف" لمسرح أبعاد الذي قدم إلى أصيلة من الدار البيضاء ليتحف الأطفال طيلة ساعة و 15 دقيقة، بقصة الجندي بفيل نافروتسكي الذي فر من ساحة القتال، عندما اكتشف أنه موجود هناك خطأ، واختبأ في زريبة للخنازير مدة طويلة، لكن القذارة والقرف اللذين عاشهما في هذا الفضاء المقيت جعله يقرر الاعتراف بخيانته العظمى أثناء الاحتفال بعيد النصر، ويقرر تسليم نفسه دون "موسيقى عيد النصر" وعزاؤه ـ وزوجته براسكوفيا ـ أنهما سينعمان بضوء الشمس الذي طالما كانا يحلمان به، ومسرحية " نيكاتيف" من إخراج عبد المجيد شكير وتمثيل: عائشة مناف، مصطفى قيمي.
كانت الساعة تشير إلى 11 و النصف صباحا عندما أعلن أحمد بن يحيى منشط المهرجان عن انطلاق فعاليات اليوم الثالث من المهرجان، بمسرحية " القرد صديقي " لمسرح مزون الذي تكبد مشاق السفر من سلطنة عمان لتسجيل حضوره بمهرجان أصيلة، و المسرحية للمخرج يوسف محمد البلوشي وتشخيص: خصيب خميس السعدي، عبد الله سيف الرواحي ، نجم الحبشي الجرادي، غسان سيف الرواحي، عبد الله سالم البوسعيدي، أحمد خميس البلوشي. و في 45 دقيقة دارت مجموعة من الأحداث بين الطفل غسان وصديقه القرد الذي يحاول مساعدته في الغابة، عندما تحاول الحيوانات المفترسة مهاجمته وتحدث بينهما صداقة حميمية، رغم نصائح والديه بضرورة الاعتناء بنظافته و اختيار الصديق المناسب.
و في إطار فعاليات مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال نظمت مائدة مستديرة حول موضوع " التعاون الدولي و قضايا الطفولة " بتعاون مع جامعة اشبيلية / اسبانيا وذلك على الساعة الرابعة مساءا بفندق وادي المخازن، ومشاركة الأساتذة: روزاريو لوبيز رويز ( جامعة اشبيلية)، كارولينا مونتيرو (بلدية اشبيلية)، خوصيه لويس كراسكو كاليرو (الجامعة الوطنية لاشبيلية)، مانويل رويز لوبيز ( منسق قسم سياسات الهجرة/ غرناطة)، الرايس غيلان بلمكي ( قسم العناية بالمهاجر، البونيول / غرناطة)، انا بيلين لوبيز ديا ( قسم العناية بالمهاجر، البونيول/ غرناطة) و سيرت الجلسة الدكتورة دولوريس ليمون دومينكير التي أعربت عن فرحتها بالتواجد ضمن فعاليات مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال، وقد تناولت الكلمة الأستاذة روزاريو لوبيز رويز التي عرفت بجامعة اشبيلية و الدور الذي تقوم به في مجال التكوين و التربية، مركزة على الخدمات الجامعية والمنح و المساعدات التي تقدمها جامعة اشبيبلية لبعض المؤسسات المغربية ( جامعة عبد المالك السعدي / تطوان)، وختمت مداخلتها بالدعوة إلى كل الراغبين في الاستفادة من خدمات و منح ومساعدات جامعة اشبيلية، و في السياق نفسه تطرقت الأستاذة كارولينا مونتيرو إلى دور بلدية اشبيلية في ربط مجموعة من العلاقات الدولية لخدمة قضايا الطفولة، و دعمت مداخلتها بشريط وثائقي يبرز بعض مرافق جامعة اشبيلية و أنشطتها (رسم، مسرح،...)، و مساعدتها للأمهات.
وقد تطرق الأستاذ خوصيه لويس كراسكو كاليرو إلى مفهوم التهميش، وربطه بالقرارات السياسية و العولمة، مؤكدا على أن النساء و الأطفال أكبر ضحايا التهميش، كما أشار إلى اللجنة التي تم خلقها من أجل تحسين ظروف العيش ببعض الأحياء المهمشة باشبيلية (السكن ، العمل، الصحة، التربية، مساعدة العائلات). في حين تحدث الأستاذ مانويل رويز لوبيز عن قسم العناية بالمهاجرين و الخدمات التي يقوم بها لإدماج المهاجر في المجتمع الغرناطي و تنظيم معارض للصور بالأبيض و الأسود و بعضها بالألوان لمهاجرين مقيمين بغرناطة، وفي نفس السياق أشار الأستاذ الرايس غيلان بلمكي إلى الخدمات التي يقدمها قسم الرعاية للمهاجر من تغطية صحية، و التعاون مع مجموعة من المؤسسات من أجل إدماج العائلات و التلاميذ في الوسط التربوي، عبر برامج تفعيل التعاون، الاهتمام بالثقافة و توعية المهاجر، و أضافت الأستاذة انا بيلين لوبيز ديا أنه تم تأسيس ورشة للرقص الشرقي، التي أصبحت ذات صدى كبير في غرناطة و نواحيها، كما عرضت شريطا وثائقيا للأسابيع الثقافية التي نظمها القسم بأصيلة، الحسيمة و إفران والأنشطة التي نظمت داخل الورشات النسائية، و بعد الاستماع إلى المداخلات أعطيت الكلمة إلى الجمهور الذي ساهم في إغناء هذا الموضوع المطروح للنقاش، بأفكاره وتساؤلاته.
و تستمر فعاليات اليوم الثالث على الساعة 7 و النصف مساءا بمسرحية " اربح تأشيرتك " لمسرح دارنا / طنجة، الذي قدم للأطفال مشاهد من مسابقة موجهة للمرشحين للهجرة السرية من أجل الحصول على تأشيرة، أسئلة و اختبارات مرور أمام لجنة تحكيم أوروبية، و تتخلل المسرحية مواقف بائسة واستغلال إعلامي بشع للبؤس والفقر. وقد اخرج هذا العمل ايريك فالنتين، وشخصه لبنى بختي، أشرف دركال، فؤاد العبسي، طارق البقالي، بلال قسطلاني، زكريا أوكوشا، عبدالحق البخاري، نبيل دركال، نيلسون أونكوبوت كوميز فيريرا، ايزابيل مالومبريس، حفيظ الملاولي، مكي عسري، صوفي دلمون. ثم تلاه عرض مسرحية " سيدة المتوسط" على هامش المهرجان، للمخرج ياسين أحجام و أداء: سكينة فضايلي، قدس جندول، أنس العاقل، هشام شبتيت، محمد بوغلاد، عقبى ريان، و هي مسرحية شارك بها مسرح أبينوم من شفشاون على هامش المهرجان، و تدور أحداثها حول سقوط الأندلس واستيلاء النصارى على مفاتيح غرناطة، وحالة الانكسار والتنكيل و التقتيل لطمس الهوية العربية الإسلامية بالأندلس، و فشل حلم الاسترداد.
و قد عرفت الدورة الخامسة من مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال مشاركة المسرحية الأمازيغية " الأمير الصغير" لمسرح أفلون / الرباط و التي رغم عدم استيعاب الأطفال للهجتها إلا أن المشاهد المثيرة كانت كفيلة باستقطاب اهتمامهم إلى النهاية، وتجسد المسرحية حكاية الأمير الصغير الذي يعيش في كوكب مع صديقته الزهرة التي تخلت عنه، فشعر بالوحدة وقررالبحث عن صديق من أجل ايجاد شخص مناسب قام بعدة رحلات بين الكواكب الأخرى، و المسرحية من تشخيص: مريم الزوين، سعاد حسني، نعيمة نفقرت، خالد المغاري، إدريس تامونت، ابراهيم بن الشيخ، محمد كرموس، إبراهيم أنجار و إخراج سعيد غزالة و تشخيص: مريم الزوين، سعاد حسني، نعيمة نفقرت، خالد المغاري، إدريس تامونت، ابراهيم بن الشيخ، محمد كرموس، إبراهيم أنجار.
و من المغرب دائما شاركت فرقة الأوائل للإبداع الفني من الرباط ، بمسرحية " احك يا شهرزاد " للمخرج سعيد باهادي و من أداء: عزيز عليو، احمد الحبابي، محمد رميشي، ضحى ازمي، ندى باهادي. و هذه المسرحية مقتبسة من الحكاية الشهيرة ألف ليلة وليلة وشهرزاد التي استطاعت بموهبتها و قدرتها على رواية الحكايات الغريبة أن تشغل شهريار عن قتلها فيعجب بحكاياتها المتسلسلة و المسلية، في قالب هزلي مرح و خفيف، تعالج المسرحية مواضيع متعددة كالحث على مطالعة الكتب، النظافة، الصدق، الوفاء بالعهد.
و بعد حوالي ساعة و نصف تمتع أطفال أصيلة بمسرحية " غريق" لفرقة اسمحوا لنا بالارتجال التي قدمت إلى مهرجان أصيلة من كادس الاسبانية، و قد قام بإخراجها بابلو دوناتو ، و شخصها: سارة مدينا روخو، ماريا هيريديا خاين، و المسرحية عبارة عن رحلة في الحياة والوجود، بكل تجلياته وعناصره. رحلة في العواطف والرغبات، بصراعاتها وآلامها..وأيضا، لحظات الفرح والسخرية، التي كثيرا ما أنقذتنا من اليأس والعبث.. "غريق"، عينة معقدة وحذرة للشباب الأندلسي الذي يحاول مقاربة المشهد الراهن لمجتمعنا.
كانت الساعة تشير إلى 11 صباحا من اليوم الرابع عندما أعلن عن العرض المسرحي " نحن والشجرة" للمركز المتوسطي للفنون المشهدية / طنجة، و قد قام بأداء الشخصيات الاء بوشيبة ، غيثة بلخضير، قاسمي سامية، bel ludivine، قاسمي فاطمة الزهراء، مسناوي اية، شطي سهيلة، شطي سلسبيل، قبالي مجد، قبالي ناجي، مسناوي سعد، الشاط وئام، وأخرج المسرحية أحمد بلخضير، هؤولاء سطروا لحظات ممتعة بين الخيال المحتمل بين شعور أو لاشعور و مجموعة من الأطفال عبر الشجرة يسافرون، يلعبون، يتحابون، يسقون الشجرة ماء، حبا، فتبكر و يكبرون، يتسلقون الشجرة لينسجوا أحلامهم، فيصدمون بلغة الكبار، يصرخون احتجاجا، و يتساءلون جهرا عن الحلم، عن السلم، عن الحياة، فتهمس الشجرة بصوت ملائكي في صدر الاصدقاء: " هذا قدركم أبنائي، تدفعون ثمن أخطاء الكبار، لكم الله، والحب، والعمل، كونوا أسراب حمائم تبشر الفجر المرتقب".
و في المساء كان أطفال أصيلة على موعد مع ورشة فضاء التمرين المستمر من العراق في مسرحية " أحلام يقظان " للمخرج كريم راشد و تشخيص: يوسف سواس، مهند مختار، سمير طالب، انعام عبد العظيم، علاوي حسين، و المسرحية عبارة عن سبعة احلام تدور أحداثها في غرفة الطفل يقظان الذي يصاب كل ليلة بالكوابيس جراء، ما يراه من العنف المتفشي في شوارع بغداد العراقية.