خطة متكاملة لتطوير التعليم في الوطن العربيأصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مؤخرا نسخة من \"خطة تطوير التعليم في العالم العربي\"، وهي الخطة التي اعتمدتها قمة دمشق العربية العربية التي انعقد أواخر شهر مارس- آذار الماضي.
وتأتي «خطة تطوير التعليم في الوطن العربي» في إطار وعي الدول العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك بمتطلبات المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن العربي، والتي تستدعي وقفة مراجعة شاملة على كافة الأصعدة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، كما عبّرت عن ذلك القمة العربية بتونس عام 2004، بما اقترحته من إصلاح شامل، من بين عناصره مراجعة وتطوير منظومة التعليم باعتبارها قاعدة التنمية وقاطرتها، والأداة التي يمكن أن تساعد العرب على تلافي عجزهم في رأس المال المعرفي، وعلى النهوض بمستوى وتوعية المعرفة التي يجري إنتاجها وتطبيقها في الدول العربية.
وقد أخذت هذه الخطة في الاعتبار، المستجدات الدولية، ولاسيما عولمة التعليم والاقتصاد وأسواق العمالة، والتقدم المذهل الحاصل في تقانات المعلومات والاتصال. كما روعيت مستجدات السياق العربي، وكان الهدف قيام برنامج عربي متكامل للنهوض بتطوير التعليم يحظى بدعم سياسي على أعلى مستويات صنع القرار ويسعى إلى كسب رهان التقدم المعرفي وإلى تضييق الفجوة في المعارف والقدرات بين البلدان العربية والبلدان المتقدمة إلى الحد الذي يمكن الوطن العربي من متابعة تطور المعرفة والتقانة في العالم ومن ثم المشاركة الفاعلة في إنتاجها.
مبادئ الخطة وتوجهاتها
ومن المبادئ الأساسية للخطة، أن الحلول التي يمكن اقتراحها لتحديد ورسم السياسات المطلوبة لإصلاح النظام التعليمي العربي يجب أن تنبع من الحوار بين البلدان العربية وفي إطار العمل العربي المشترك ولا يمكن أن يتم فرضها من الخارج. كما وضعنا في الاعتبار أن التعليم في الوطن العربي يحتوي على كم من التجارب والإبداعات في الحقل التربوي وعلى أطر مرجعية واستراتيجية يمكن أن تكون مصادر للحلول وللسياسات المقترحة، لكن هذا لا يمنع اعتماد التجارب الناجحة من خارج الوطن العربي، شرط إخضاعها وتطويعها لخصوصية البلدان العربية.
بهذه الروح تم الانطلاق في وضع الخطة، وقد رؤي عند تحديد معالمها الكبرى، ضرورة أن تدرج في سيق توجهات سياسية ومجتمعية وتربوية كبرى، لعل من أهمها:
- التحول التدريجي نحو الديمقراطية والشورى والاهتمام بالتربية على المواطنة وحقوق الانسان
- تبني المنظور بعيد المدى في عمليات التطوير والإصلاح التربوي كجزء من عملية إعادة الهيكلة التي تطال الاقتصاد الوطني والجوانب الاجتماعية
- الالتزام بتوفير التعليم الجيد للجميع، وضرورة الربط بين الكفاءة في توظيف الموارد والعدل في التوزيع
- توسع مشاركة تنظيمات المجتمع المدني غير الحكومي في حقل التعليم النظامي وغير النظامي
- اعتماد المعايير والبحوث العلمية في تصميم وتطبيق الإصلاحات التعليمية
- الارتقاء بمستوى الإطار التدريسي في جميع مراحل التعليم من ناحية التأهيل وإعادة التأهيل
- استخدام التقنيات الجديدة للمعلوماتية في نقل وإنتاج المعرفة
فلسفة الخطة
وانطلاقا من هذه التوجهات، بنيت الخطة على فلسفة كان محورها الرئيسي ضمان التعليم للجميع كحق من حقوق الإنسان، وتمكين المتعلم من أدوات المعرفة وتنمية قدراته، من أجل تحقيق ذاته، من ناحية، وليصبح قادرا على المساهمة الفاعلة في جهود التنمية بأشكالها المختلفة، من ناحية أخرى.
كما أكدت هذه الفلسفة التربوية على تعزيز مفهوم المواطنة لدى المتعلم، والتي تشكل الأساس لعقد اجتماعي يحدّد الحقوق والواجبات ويرتفع بالمتعلم إلى مستوى المسؤولية الاجتماعية، إضافة إلى ترسيخ معاني العدل والسلم والقيم الإنسانية والدينية المشتقة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومن احترام الثقافات والأديان الأخرى وفق الإيمان والقناعة بحق الاختلاف، وذلك لتقوية حس الانتماء والشعور القومي العربي، وصولا إلى ضمان «العيش معا» على مستوى العالم بأسره، ورفد الهوية الوطنية بالهوية الكونية.
الخطوط العريضة للتطوير
وقد انتهت هذه المقاربات الفكرية والحضارية لمسألة التطوير التربوي إلى رسم الخطوط العريضة التالية للتطوير المنشود:
- تأمين الحق في التعليم للجميع من دون أي تمييز أو تفرقة
- جودة التعليم على جميع المستويات وبجميع عناصره
- ربط تطوير التربية والتعليم باحتياجات التنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة
- تأمين الشراكة بين السلطات الحكومية وسائر مكونات المجتمع من أجل تحقيق أهداف التعليم
- بناء السياسات والاستراتيجيات والخطط على المعرفة المثبتة والموثقة
وعلى هذا الأساس حددت لكل مرحلة من مراحل التعليم – من الروضة إلى الجامعة – أهدافا خصوصية، كمية وتوعية، سوف يتولى تقديمها إليكم بالتفصيل وفد المنظمة خلال جلسات عمل المنتدى.
آليات التنفيذ
ولكي لا تبقى الخطة حبرا على ورق فقد أردفت بآليات لمتابعة تنفيذها وتمويلها، يتمثل أولها في تشكيل خمس مجموعات عمل تعنى بالدراسة المعمقة للمحاور المفصلية لخطة التطوير ووضع التصورات العملية لتنفيذها.
ودعما لهذه المجموعات، تتولى الألسكو إنشاء مرصد عربي للتربية والتعليم من أجل الإحاطة بواقع التعليم في الوطن العربي ونشر المعلومات بشأنه. كما تنشئ المنظمة لجنة استشارية لتطوير التربية والتعليم تتابع عمل اللجان وتقدم إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومنه إلى القمة العربية، تقارير عن التقدم الحاصل سنويا في تنقيذ كل محور من المحاور.
أما على مستوى الجدولة الزمنية فقد ارتأت الخطة أن تمتد عشرية الإصلاح التربوي من 2007 إلى 2016، على أن تكون السنتان الأولى والثانية مرحلة تحضيرية يتم خلالها تشكيل مجموعات العمل وإعداد الدراسات الضرورية ووضع الخطط التنفيذية التفصيلية لكل محور من محاور الخطة.
وأخيرا، وعلى مستوى التمويل، وهو الجانب الحساس، كما تعلمون، في الانتقال من التنظير إلى التنفيذ، سوف تعمل المنظمة، بالتعاون مع سائر المنظمات الإقليمية والدولية المعنية، على وضع مشروع وثيقة لتمويل أنشطة المرحلة التحضيرية يتم عرضها على الجهات العربية والدولية المانحة، على أن يتم تأمين مصادر التمويل اللازمة للمراحل اللاحقة بناء على الخطط التنفيذية المعتمدة لكل محور من محاور التطوير التي تضمنتها خطة العمل.
http://edu.dafatir.com/showthread.php?t=29996