منتديات نبراس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نبراس

منتدى يهتم بعالم الابداع و التربية والتعليم والثقافة و الحوار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رجلان وامرأة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صخر المهيف
مشرف
صخر المهيف


المساهمات : 8
تاريخ التسجيل : 22/02/2008

رجلان وامرأة Empty
مُساهمةموضوع: رجلان وامرأة   رجلان وامرأة I_icon_minitimeالأحد أبريل 27, 2008 2:13 pm

كانت تشد ذراع الأول، لم تفارقها الابتسامة، كان يحثان الخطو على رصيف مبلط بزليج مستورد من خارج البلاد وكأنهما كانا على موعد هام لا ينبغي التخلف عنه.
………………………………………………………..
لم يسبق للرجل الأول أن كتب لها أي رسالة بخط يده.
………………………………………………………..
بدت للثاني سعيدة ونزقة، فتعمد أن يثير انتباهها إلى وجوده، لكنها لم تبصره أو على الأرجح أنها تظاهرت بذلك، شك بداية في أنها هي فاضطر إلى المرور من أمامها قبل أن تصده حديقة مغلقة وأسوار قديمة وبرج عال.
……………………………………………………..
لاحظ الثاني بعد أن استدار وراءه أن مشيتها لم تتغير، أو بالأحرى أن مشيتها مازالت حية في ذاكرته،
لهذا قطع الشك باليقين واستأ،ف السير في المنحى المعاكس لهما…توقف فجأة وجمد في مكانه فقال له صديقه الملحن باستغراب:
- ماذا الذي حل بك؟ ما الذي حدث؟
رد بارتباك:
- لاشيء…لاشيء…
……………………………………………………….
قبل خمس سنوات لم يفهم الرجل الثاني بالضبط ما الذي حدث.
……………………………………………………….
لاحظ الرجل الثاني أن الأول لم يكن يلثمها أو يلمس جيدها بأنامله كما أنه لم يحضنها وقتها بكلتي ذراعيه، تأكد أيضا من أنه لم يغازلها حتى رسى على يقين تام بأنه كان يضاجعها فحسب.
……………………………………………………….
توقف الثاني أمام الشباك الحديدي الذي يفصل الطوار عن الأزهار والورود ذات الأشواك الحادة ونخلة “تشيكايا أوطامسي” السامقة واستدار مرة أخرى ليتأكد من أنها هي …
………………………………………………………
كانت تشد ذراع الأول وهي تسير بيساره.
………………………………………………………
على طول الكورنيش، بالقرب من حوض الميناء الصغير الذي لا يتوقف فيه المسافرون، كانت لاتزال تشد على ذراع الأول وهي ترتدي ملابس لونها مميز، أقصد ذات اللون الذي كانت تشترك مع الرجل الثاني في حبه.
……………………………………………………..
خفق قلب الرجل الأول بشدة، أكثر مما يسمح به الطبيب في الأحوال العادية.
…………………………………………………….
قال الرجل الأول: التاريخ يعيد نفسه بعد عشر سنوات.
…………………………………………………….
كانت تشد ذراع الآخر بينما لمع خاتم متوج في بنصرها الأيسر وهي تتحدث وتضحك طوال الوقت،
أما الأول فكان يطلق ابتسامة باردة ولا يرد عليها إلا بكلمات قليلة جدا .
…………………………………………………….
وقف الثاني جامدا برهة ثم قال لصديقه الملحن:
- سأعود…سأعود…نلتقي فيما بعد.
وقفل راجعا لا يلوي على شيء.
………………………………………………………
في منتصف الكورنيش تماما، تركا وراءهما نخلة سباها التجار من صحراء الجنوب الشرقي لتدخل السرور على النفوس و لتصطف حزينة بهذا المكان، رأى الثاني النخلة تبكي لفراق الأهل والأحباب، جلست على السور القصير، رمت الأول بابتسامة مشرقة فالتقط لها صورة، وكانت خلفها أحجار الميناء الإسمنتية العملاقة تصد الأمواج الصاخبة عن أن تبغي على مياه الحوض الراكدة.
…………………………………………………….
لم يكن الرجل الأول يحمل كتابا أو جريدة، لم تكن هي الأخرى تحمل معها شيئا من الأوراق، باستثناء أوراق كلينيكس المندسة في في جيب من جيوب حقيبتها.
…………………………………………………….
تذكر الثاني أنها كانت تسير بجانبه ويداهما متشابكتان ساعات طويلة بخطى ثقيلة …ثقيلة جدا.
…………………………………………………….
فهم الرجل الأول أنهما قبل أن يعرجا على الكورنيش، قادمين من الشارع الذي يأوي أغلب مطاعم المدينة الصغيرة، قد فرغا للتو من التهام وجبة الغذاء في الهواء الطلق على الرصيف الواسع الذي تظلله أفنان الكاليبتوس حيث أوراقها الدائمة الخضرة تلامس أسوارا عالية بناها البرتغاليون الغزاة قبل أربعة قرون ليصدوا عن المدينة الصغيرة زحف المجاهدين العتاة.
…………………………………………………….
لم يكن في نيته المرور بالكورنيش في تلك الظهيرة، صديقه الملحن اقترح عليه ذلك فنزل عند رغبته.
…………………………………………………….
كان الثاني يقتنص الفرص في الأزقة الخالية والطوابق العلوية من المقاهي ليضمها إلى صدره ويلثم شفتيها بعنف ولم يترك فرصة تمر دون أن يلقي على مسامعها بحديث ينفجر على لسانه قادما من أعماق سحيقة مظلمة.
…………………………………………………….
كان الثاني لا يطيق صمتها الرهيب.
…………………………………………………….
عاد الرجل الثاني ليجلس على ذات السور القصير ثم التقطت له صورة حينما كان الثاني يدير لهما ظهره مشرفا على حوض الميناء حيث ترسو سفن الصيد الصغيرة، فعل ذلك كي يرى وجهه في صفحة الماء الذي كان عكرا.
……………………………………………………
شدته زرقة البحر ولما استدار إلى ناحيتهما كانت تنظر إلى جهته قبل أن تضغط زر آلة التصوير الرقمية وتعيدها إلى حقيبتها اليدوية…
……………………………………………………
كان الرجل الثاني قد فقد أي إحساس بالزمن.
……………………………………………………
لم تكن السماء صافية تماما، فإلى الجنوب كانت غيوم بيضاء تمزق أجزاء واسعة من الزرقة ولم تكن ثمة ريح قوية لتدفع الغيوم إلى البعيد، فقط كانت ريح خفيفة تحرك الأعشاب والأغصان والزهور بكل رفق كأنها أم رؤوم تهدهد طفلاتها.
…………………………………………………..
عادا أدراجهما بنفس السرعة وتوقفا بالقرب من باب بناه نفس الغزاة ثم امتطيا سيارة فاخرة وقفلا راجعين إلى المدينة الكبيرة حيث يقطنان على الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، وبات الثاني ينظر إلى العجلات
وهي تدور بسرعة إلى أن اختفت عن أنظاره.
………………………………………………….
تعودت أثناء لقائها بالرجل الثاني أن تحمل في حقيبتها اليدوية رواية من روايات الجيب كما تعودت أن تلقاه محملا بكتاب أوكتابين وجريدة وأوراق بيضاء لم يفض بكرتها قلم.
………………………………………………….
كان الرجل الاول يصوم ويصلي ولم يكن يدخن أو يشرب الخمر أو يرقص في الملاهي.
…………………………………………………..
تعود الرجل الثاني أن يكتب لها رسالة كلما اشتد به الحنين إليها، كان يكتب لها أحيانا رسالتين في الأسبوع، ولما شاع أمر الهاتف المحمول بين الناس ورخص ثمنه وخف وزنه لما دخلت شركة ميديتيل
السوق، لم يكتب لها سوى ثلاث رسائل خلال سنة كاملة، أما هي، فلم تكتب له أي رسالة منذ اليوم الذي اشترت فيه هاتفا محمولا وخلقت بريدا إيليكترونيا، فقط ، بعثت له رسائل قصيرة عبر المحمول فيها لوم ولواعج.
…………………………………………………..
كانت تقول للثاني إن همساته الخافتة تدوخها فتطلب منه يحكي لها المزيد من الحكايا لأنها كانت تخشى صمته، ولما كان يركن إلى الصمت كانت تحثع على مزيد من إطلاق الكلام، فيبتسم، وتعود لتسأله عن تاريخه الأغبر ولم يكن يملك إلا أن يحكي لها حكايا بلا عناوين، حتى بعد أن يجف ريقه، فتنصت إليه دون ملل والسعادة تغمرها.
…………………………………………………..
في كل مرة كان الثاني يزور مدينتها الكبيرة ذات الأساطير الغامضة، كانت تلح عليه أن يحضر معه آلة تصوير بيد أنه لم يفعل، لهذا لم يلتقط لها أي صورة، فقط كانا يتجولان في شوارع المدينة الكبيرة ويرتادان المعارض التجارية والمقاهي شبه الفارغة أو يجلسان قبالة البحر بالقرب من حائط قصيرليتأملا أمواجه كلما ران عليهما مكلل بالنشوة والسؤال.
…………………………………………………..
لا زال الثاني يتساءل بحنق: لماذا لم تعد له رسائله المحملة بعطر العشق وبطائقه المزينة بصور ورود حمراء وصفراء بيضاء ؟
…………………………………………………..
كانت في ذلك اليوم تضع ذات العطر الفرنسي الذي كان يستنشقه الثاني من جيدها.
…………………………………………………..
بعد خمس سنوات، هاهو الرجل الثاني يفهم كل شيء بلا تفاصيل.
…………………………………………………..
لم تنس أن تطلب من الأول أن يجلب معه روايات لتقرأها في زيارته القادمة.
…………………………………………………..
كانت آخر من يودعه قبل امتطائه الحافلة، هذا ما حدث به الرجل الأول نفسه.
…………………………………………………..
لم يعد الرجل الثاني في حاجة إلى تفاصيل.
…………………………………………………..
تذكر الثاني أن الأمواج كانت تتقاذفه حتى أشرف على الغرق .
………………………………………………….
ذات صيف، قبل خمس سنوات ونصف، أخذها في سيارة أجرة كبيرة إلى قرية صغيرة يقسمها نهر نصفين، سبحا في اليم معا وقبل نهديها وداعبت أنامله خصلات شعرها وبدا له جسدها متناسقا، هناك تناولا طجين سمك مطهي بالبطاطا وفواكه أحضرتها معها من المنزل ثم عادا أدراجهما على الساعة السادسة مساءا ولم يفترقا إلا على الساعة الحادية عشرة ليلا كدأبهما دائما.
…………………………………………………
لم يكن الثاني يمتلك سيارة أودراجة عادية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sadouki
Admin
sadouki


المساهمات : 274
تاريخ التسجيل : 05/02/2008
العمر : 60

رجلان وامرأة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجلان وامرأة   رجلان وامرأة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 29, 2008 12:35 pm

شكرا لك الاخ صخر على التقاطك لهذه التفاصيل الانسانية وإتحافنا بها للمتعة والفائدة.
دمت مبدعا.
مودتي الاحوية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nibras.ahlamontada.com
فاطمة الزهراء المرابط

فاطمة الزهراء المرابط


المساهمات : 172
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

رجلان وامرأة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجلان وامرأة   رجلان وامرأة I_icon_minitimeالإثنين مايو 05, 2008 10:32 am

مشاهد ابداعية جميلة تناولها القاص باسلوب دافئ و ممتع، و كاننا نتابع وقائع حية من قصة رومانسية مليئة بمجموعة من المشاعر الجياشة و الغيرة و التساؤلات الكثيرة.

تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رجلان وامرأة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نبراس :: قصة-
انتقل الى: