المجموعة القصصية الثانية للكاتب المغربي هشام بن الشاوي عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط (العاصمة المغربية)، صدرت المجموعة القصصية الثانية للكاتب المغربي هشام بن الشاوي، وقد اختار لها كعنوان : " روتانا سينما ... وهلوسات أخرى! " ، تضم بعض نصوصه القصصية التي كتبت ما بين يناير 2007 وفبراير 2008.
كتب مقدمة المجموعة القصصية الشاعر والكاتب التونسي، المحرر الثقافي لجريدة (العرب العالمية ) عبدالدائم السلامي، وهذا نصها :
روتانا سينما ... وهلوسات أخرى
لهشام بن الشاوي
من كيمياء الواقِعِ إلى سيمياء المُتَوقَّعِ
1. حدَّثني هشامٌ مرّةً قال:
"سأنامُ...
أخي
يقفُ
فوقَ
رأسي
مثل غفيرٍ".
2. ليس جديدًا القولُ إنّ القصّة القصيرة والقصّة القصيرة جدّا صارتَا مَيْزةَ السرود المغربيّة الحديثة، وذلك لكثرة النَّتاجِ وجودة الإنتاجيّة فيهما، ولكنّ الجديدَ هو قولنا إنّ هذين الجنسيْن من الكتابة النثريّة تجاوزا حدَّهما المصطلحيَّ النقديَّ وانزاحا به صوب حقل الشعرِ بما صار لهما من قدرةٍ على التملّص من الزمن الفيزيائيّ لعناصر الواقع والانتباه بعجائبيّةٍ إلى المنسيّ المألوف من تفاصيله في شيءٍ من يقين اللغة الممزوج بشكِّ الإبداعِ وهلوساتِه.
3. ويبدو أنّ قصص هشام بن الشاوي تندرج ضمن هذا السياق الكتابيّ الجديد من خلال خُلوِّ قلمِ مبدِعِها من فوبيا الأكاديميات وأشراطها المقيتةِ وانصبابه بهكذا عفويّة على المعيش يقتطع من لحظاته كيمياءَ أشيائه فيعركها بيديْه حتى تلينَ عجينتُها فيبني منها إيجادًا وإنشادًا سيمياءَ ما يرغب من لذائذِ المتوقَّعِ المفقودِ في شكل صروحٍ عالياتٍ.
فما أن يتجاوزَ القارئُ عتبةَ الجُملةِ الأولى من كلِّ قصّة في هذا الكتابِ حتى ينوجدَ في منزلةٍ بين اثنتَيْن: واحدةٍ تدعوه إلى جنّة المعنى المأمولِ وثانيةٍ لا تزجره عن نار التأويل، فيخرج القارئُ، دون خوفٍ من عقوبةِ الزندقةِ الفنيّة، من حَيِّزِ المفعول به قراءةً إلى حَيِّزِ الفاعلِ الكتابيِّ، ومن ثمّة تغدو لديه كلُّ قصّة مغامرةً شخصيّةً يتحمّل فيها مسؤوليةَ مصيرِ تقنياتِه القرائيّة وهي تتأرجح بين الموجودِ والممكنِ، وبين الممكنِ والمستحيل وبين المستحيل والإدهاشيِّ، تأرجُحٌ يبعث على الدَّيْخوخةِ السارتريّة فلا يفيق منها إلاّ وهو إيمانٌ محضٌ بأنّه المكتوبُ والكاتبُ والموصوفُ والواصفُ والمَعْنَى المَعْنِيُّ في كلّ قصّة من قصص هذا الكتاب التي لا تحفِل بالشكلِ احتفالَها بإعادة تشكيلِ الأشياءِ وِفْقَ رؤيةٍ فنيّةٍ تتغيَّا الإيقاعَ بالقارئِ في إيقاعاتِها الناشزة قياسًا إلى هدوءِ الواقع وسكينتِه الآسنةِ.
4. هشام بن الشاوي بَنّاءُ معانٍ، لقصصه ثِقَلُ الأحياءِ من المخلوقاتِ الجميلة الذي نحبُّ، فإذا استغلق عليه بابُ تأويلِ بداياتِها أو نهاياتِها، أطلق لها العنانَ تمرحُ في مَرْجِ خيالِه، ثمّ يتسلّل إليها كالماء ليرويها بافتنانٍ واعٍ:
"من مقعدِه في المقهى يتأمّلُ القِطّةَ الحبلى وهي تنقضُّ على عصفورٍ صغيرٍ تتسلّى بتعذيبِه وهو يتعثَّرُ فوقَ الرّصيفِ... يحوِّلُ نظراتِه هازئًا إلى امرأةٍ تتفحًّصٌ أكياسَ القمامةِ وهي تدفع عربَتَها... يخترِقُ المَشْهَدَ صبيٌّ برفقةِ المرأةِ، يُطاردُ القطّةَ، تحملُ القطّةُ العصفورَ، تعبُرُ الشارعَ، يفلتُ العصفورُ من بين أسنانِها، تمرُقُ سيّارةٌ، تُدوّي في الأجواءِ صرخةٌ قويّةٌ..."
عبد الدائم السلامي
تونس- 19 مارس 2008
(انتهى نص المقدمة ) .
...........................................
http://alfawanis.com/alfawanis/index.php?option=com_content&task=view&id=5972&Itemid=1