لو أن الكلمة المنقوشة على طاولتها المدرسية لم تحدث كل ذلك اللغط والاهتمام من قبل زملائها في الفصل، لما اهتمت لبنى للأمر. علي، الذي يشاركها الطاولة، ومن نقش الكلمة عليها، هو أول من أثار انتباهها بأن هناك شيئا مريبا. رفض أن يخبرها عن معنى الكلمة، ثم إنه كان غالبا ما يخفيها بدفاتره. لابد أن الكلمة خطيرة جدا. لكنها بلغة غريبة. أربعة حروف لاتينية فقط، استعصت على الفهم.
أولا، سألت لبنى صديقاتها المقربات. لكنهن مثلها لم يدركن معنى الكلمة. وحين أعلن زميلها سمير أنها كلمة "حشومة" و"عيب" ، انفضت الصديقات عن لبنى... وبشكل ما حملت الفتاة عار الكلمة المنقوشة على طاولتها. اعتزمت أن تعرف الحقيقة من علي مهما كلفها الأمر، فهو أصل البلاء.. لكنه لاذ بالصمت.. أصرت أكثر، فاعترف أخيرا أنه نقل الكلمة من دفتر أخيه الأكبر الذي يدرس في الثانوية، لكنه لا يعرف معناها!
استمر الاهتمام بالكلمة اللغز لبضعة أيام، ونافس إعلان زواج زميلتهم نادية، التي وإن كانت كبرى بنات الفصل إلا أنها لم تتجاوز الرابعة عشر عاما..
ثم كان على الأستاذ أن ينتبه للأمر. حين توقف أثناء شرحه الدرس، أمام طاولتهما. حاولت لبنى إخفاء الكلمة بكتابها، بينما انزوى علي خلف وجه ملائكي مخادع تماما كما يفعل شقيقها الأصغر حين يكسر شيئا..
- ماذا تخفين هناك؟ سأل الأستاذ. ألم أمنعكم من الكتابة على الطاولات..
وإذ أزاح دفترها، اعتلت وجهه نظرة التجهم وعلمت لبنى أنها في مأزق.
- لم اكتبها، أستاذ.
- إنها طاولتكما.. رد موجها حديثه لها ولزميلها . إذا لم تخبراني عمن كتبها ستعاقبان.
- لست أنا، قال علي بصوت متوسل.
تطلعت لبنى إليه مترددة ثم رددت ذات الجملة.
تحملت رفقة زميلها العقاب. ونظفت الطاولات وهي مصممة على معرفة معنى الكلمة..
حالما وصلت مساءا للبيت توجهت إلى شقيقتها الكبرى تسألها عن معنى الكلمة بصوت خافت وبعد أن استحلفتها أن لا تخبر والديهما.. هي تثق بمعرفة شقيقتها بكل الأمور.
- أهذا ما تتعلمين في المدرسة؟ من علمك هذه الكلمة، قولي.. إذا رددتها مرة أخرى سأعلم أبي وسأبلغ المعلم..
بالكاد فلتت لبنى من غضب شقيقتها.. لكنها لم تعلم معنى الكلمة. راودتها الأربع أحرف في الحلم، واستيقظت مرتعبة.. لا بد أن تعرف معناها..
شغلتها الكلمة الغريبة طويلا.. وأخيرا اهتدت إلى حل، حين ذهبت إلى المكتبة العامة لإجراء بحث طلبه المعلم.. هناك، أخذت القاموس وبحثت عن الكلمة.. .وأخيرا وجدت شرحا لها:
LOVE .. الحب..