تارودانت مدينة الاسوار..مشرعة الابواب على كل جهات الدنيا
تبدو مدينة تارودانت متل مقاوم ادى واجبه بكل تفان ونكران الدات،فتوارى الى الظل زاهدا في الاوسمة والامتيازات التي يتهافت عليها الاخرون،رغم النسيان الذي يلفه يستمر في واجبه والهام الاخرين،قيم الوفاء والعطاء والشموخ...ذلك حال مدينة الاسوارالقابعة عند قدم جبال الاطلس الكبير،على بعد تمانين كيلومترا من مدينة اكادير..حاضرة في قلب سوس ساهمت في مجد وتاريخ المغرب،طبيعتها ساحرة،تشمل الداخل اليها بالضيافة والحماية،فيقع في هواها ولا يستطيع الرحيل عنها.
ْ{الداخل اليها يبكي والخارج منها يبكي}ذلك متل شائع وسط الرودانيين يعكسون فيه حالة (البراني)الوافد على تلك الحاضرة لاول مرة والذي لابد ان ينتابه احساس قاهربالرهبة عند رؤية اسوارها لاول مرة فتجتاحه رغبة عارمة بالبكاء،لاعتقاده ان القدر حاضرة هجرتها اسباب الحياة منذ سنوات،فبدت متل قلعة قديمة ما عادت تذود عن اهلها الذين لاذوابها من عاديات الزمن واطماع الانسان على مدى قرون صنعت خلالها تلك الحاضرة مجد المغرب..لكن ذلك الاحساس ما يلبت يتلاشى عندما يدخل (البراني)في احيائها وازقتها،ويخبر طيبوبة وشهامة اهلها،فيقع في هواها ويتواطؤامعها،اذ يصبح الرحيل عنها صعبا يتقل على القلب الذي لابد ان يسكنه حزن قد يفيض دموعا حرى،تسيل مالحة الى الحلق لتصوغ عهد وفاء لتلك المدينة التي يقسم ان يعود اليها مهما بعدت المسافة.
يحلو لبعض العارفين ان يسموا المدينة اخت مراكش الصغرى،لكن الرودانيين يصرون على انها ام عاصمة المرابطين،فالملتمون{المرابطون}لابد ان يكونوا قد استحضروا هندستها المعمارية عندما راودتهم فكرة بناء عاصمتهم،وحتى يكونوا اوفياء لما شاهدوه في تارودانت استعانوا بخبرات ومهارات الصناع والحرفيين التقليدين الذين ذاع صيتهم في تارودانت،فكان التشابه كبيرا في المعماروالاسوار،بل وحتى في الموقع الذي جاءفي منطقة سهلية عند قدم جبل..كل زقاق من ازقتها وكل ركن من اركانها يحيل على حادتة من الاحدات التاريخية التي كانت لها امتداداتها في انحاء المغرب،قبل الفتح الاسلامي وفي عهد الادارسة،والمرابطين،الوطاسيين،والمرينيين والعلويين والسعديين والموحدين،لها صلحاؤها واولياؤهاالذين يقونها مما يبيته الناس والزمن لها،مما يشيع فيهاجوامن الطمأنينة التي لابد ان تتسرب الى نفس الوافد عليها وهو ما يزكيه طبع اهل تارودانت الجانحين الى السلم في كل الاحوال..ذلك الطبع لفت انتباه المؤرخين التاقبي النظر من امتال الحسن الوزان{ليون الافريقي}والشريف الادريسي،الذين اعجبا بالمدينة وببساتينيها والحا على طابع اهلها المسالم الذي لم يتغير مهما تبدلت احوال الناس في الحواضر الاخرى.
ولدى مدينة تارودانت خمسة ابواب،باب الزركان في الجنوب،وباب القصبة في الشرق،وباب الخميس في الشمال الشرقي،وباب ولاد بنونة في الشمال،وباب تارغونت.خمسة ابواب مفتوحة في سور تارودانت من النوع الملتوي الذي يتوفر على اروقةوابراج مستطيلة ومربعة الشكل شيدت بدورها بالتراب المدكوك المخلوط بالجير..خمسة ابواب مشرعة على كل جهات الدنيا ما زالت ترحب بالداخل الى تارودانت.الحرارة التي تعرفها مدينة تارودانت تتحول بردا وسلاما عندما يبدأالزائر في التجول والتعرف على احيائها التي يجبر هدوءها والطيبوبة البادية على ساكنتها الى التخفيف من الحذر الذي يلازم الوافد الجديد على المدينة ،واذا ما ضاق السائح ذرعا بالحرارة يستطيع الدخول الى السوق القديم الذي يعد اقدم سوق بالمغرب على الاطلاق،فيستقبله هواء رطب اختلط بروائح التوابل والتمور والحناء والجلود الطبيعية،ومازالت بعض الشواهد تدل على ان ذلك السوق كان مقسما حسب الحرف التي مورست داخله منذ قرون خلت،حيت يمكن للسائح ان يقضي ساعات في التجوال هناك،قبل ان تقوده رجلاه الى سوق الدباغة،الذي مازال ينفرد بصناعة الجلود بطريقة طبيعية اتارت اهتمام الدارسين الاجانب.
وعندما تبدأالشمس الى مرقدها ،يحلو للسائح ان يندس وسط الامواج البشرية التي قضت سحابة يومها في انتظار ذلك النسيم المنعش المحرض على المشي طويلا في ازقة المدينة ،وقد امتلأ الجسد بطاقة جديدة تضخ فيه حيوية غير معهودة .على طول الطرق التي تقضي الى خارج السور تشهد حركة ذائبة وقد يسنح للزائر تبادل اطراف الحديت مع اهل المدينة الذين يرحبون به بابتساماتهم التي لا تفارق الشفاه فيحس بالفة لا تمنحها مدن اخرى اصبح فيها الناس اسرى فردانية تتنيهم عن السؤال عن احوال بعضهم البعض.
وهكذا فتارودانت ما زالت تتير بشموخ اجزائها،اعجاب الناظر اليها الذي يحدس للتو النفائس التي تختزنها تلك المدينة طبيعة،وبشرا،وعمرانا.
بنت تارودانت**فاطمة الزهراء**
موضوع: تارودانت قلب سوس 
الإثنين أبريل 21, 2008 2:42 pm
