التعليم حق إنسانيأزراج عمرتعانى بلداننا من الأمية الحرفية والمهنية وأشكالها الأخرى. ولحد الآن لم نخض بصدق المعركة الحقيقية فى ميدان قهر الجهل فى المجتمع.
فالمساهمات التى أنجزت حتى الآن تتميز بالشكلية خاصة فى مجال محو الأمية فى الأرياف والمدن الصغيرة والكبيرة.
ونتيجة لذلك فإن المجتمع العربى مايزال يصنف فى التقارير الدولية ضمن قائمة دول الهامش.
وأريد أن ألفت النظر إلى تجربة رائدة قام بها المربى والمفكر البرازيلى باولو فريرى وروى قصتها فى كتابه "الفعل الثقافى من أجل الحرية" الذى أسس له نظريا فى كتابين بارزين وهما "بيداغوجيا الأمل"، و"بيداغوجيا المضطهد".
وبهذا الخصوص أدعو الجهات المعنية ببلداننا إلى الاطلاع على التجربة التى قام بها باولو فريرى فى الأرياف البرازيلية ودراستها، والاستفادة منها.
وفى ما يلى ترجمة لجزء من فصل ورد فى كتابه "الفعل الثقافى من أجل الحرية" الصادر باللغة الانجليزية والمترجم إلى عشر لغات حية.
أقدم جزءا من تجربة هذا الرجل لعلها تضيء السبل نحو استراتيجية محكمة وجديدة لمحاربة شبح الأمية فى مجتمعنا:
"كى تكون عملية محو أمية الكبار فعلا معرفيا فإنها تتطلب علاقة حوار أصيلة بين المدرسين وبين الطلبة. فالحوار الحقيقى يوحد الذوات لتدرك الموضوع الممكن معرفته والذى يلعب دور الوسيط فى ما بينهما.
إذا كان التعليم والقراءة يهدفان إلى تأسيس وتكوين فعل المعرفة فإنه على المتعلمين إذاً أن يأخذوا على عاتقهم ومنذ البداية دور الذوات المبدعة.
فالأمر ليس حفظا عن ظهر قلب، أو تكرارا للمنهج الدراسي، أو للكلمات والجمل، وإنما هو التفكير النقدى حول عملية القراءة والكتابة نفسيهما، وحول دلالة اللغة ما دامت اللغة مستحيلة بدون الفكر.
إذاً، فإن اللغة والفكر مستحيلان بدون العالم الذى يشيران إليه. وهكذا، فإن كلمة الانسان هى أكثر من مفردة قاموسية، بل إنها الكلمة – الفعل فى الأبعاد المعرفية لعملية محو الأمية.
إنه يجب أن تشمل علاقات الإنسان مع العالم حيث تمثل هذه العلاقات منبعا جدليا بين الإنتاجات التى يحققها الإنسان لتحويل العالم، وبين الشروط التى تمارسها هذه الإنتاجات على البشر..
إنه ينبغى أن يكون تعلّم القراءة والكتابة فرصة للبشر ليعرفوا التحدث عن العالم حقا باعتباره تفكيرا وفعلا إنسانيا.
وهكذا فإن تعليم القراءة والكتابة هو حق إنسانى وجوهرى وليس امتيازا مثلما بيّنت ذلك فى مكان آخر من كتاباتي.
إن التحدّث بواسطة الكلمة ليس فعلا حقيقيا إذا لم يكن مصحوبا فى آن واحد بحق التعبير الذاتي، والتعبير عن العالم إبداعيا وبممارسة حق القرار والاختيار داخل العملية التاريخية فى المجتمع. ففى داخل ثقافة الصمت نجد الجماهير بكماء".
وهكذا نستنتج مما تقدم أن محو الأمية يدخل فى إطار توزيع المعرفة توزيعا عادلا، وأن الإبقاء على الأمية فى بلداننا ليس فقط تكريسا للتخلف، وإنما هو عائق يحول دون العدالة.
...............................................................
http://www.alarab.co.uk/index.asp?fname=\2008\03\03-10\887.htm&dismode=x&ts=10/03/2008%2004:06:12%20م 
موضوع: التعليم حق إنساني 
الخميس مارس 20, 2008 5:12 pm
