منتديات نبراس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نبراس

منتدى يهتم بعالم الابداع و التربية والتعليم والثقافة و الحوار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حوار تربوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sadouki
Admin
sadouki


المساهمات : 274
تاريخ التسجيل : 05/02/2008
العمر : 60

حوار تربوي Empty
مُساهمةموضوع: حوار تربوي   حوار تربوي I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 05, 2008 5:03 pm

حوار تربوي




زيارة خاصة

الباحث التربوي المغربي يفتح قلبه لآسية..

الصدوقي: يجب تدريس مادة التربية الأسرية لأطفالنا!


حاوره: حسن الأشرف



أكد الأستاذ "محمد الصدوقي" (الباحث المغربي في علوم التربية) أن هناك أسلوبين في التربية، الأسلوب التقليدي والأسلوب الحديث، ولكل أسلوب تصوراته وقيمه وتأثيراته على شخصية الطفل.

واعتبر الصدوقي في حواره مع موقع آسية أن أساليب التربية التي تغالي في التدليل وإعطاء الحرية المطلقة للطفل، تكون لها عواقب تربوية وخيمة من قبيل عدم شعور الطفل بالمسؤولية، وعدم تمثله للضوابط القيمية والمجتمعية التي تقنن العلاقات والحدود المرغوبة أو المكروهة بين الذات والآخر والشروط الموضوعية للواقع المجتمعي.

وأوضح "محمد الصدوقي" في الحوار ذاته أن سعادة ونجاح الأسرة مرهونة بشكل كبير بنوع التربية التي تلقاها الأزواج؛ حيث إن العلاقة الزوجية تحكمها المرجعيات المعرفية والقيمية والعلائقية التي تربى عليها كل من الزوجين.

ودعا الباحث المغربي المجتمعات العربية والإسلامية إلى أن تُدخل مادة التربية الأسرية في مناهجها التربوية، ليس فقط التربية المطبخية والمنزلية لدى الإناث كما هو سائد في بعض المناهج، بل التربية الأسرية للجنسين، كوعي وقيم ومسؤولية، والتأهيل المعرفي والقيمي الايجابي للحياة الزوجية المستقبلية".

وفي الحوار قضايا تربوية هامة أخرى.. لنتابع:

** بحكم تخصصك التربوي، كيف ترى بصفة عامة المجال التربوي بالمقارنة مع المجالات الاجتماعية والاقتصادية، هل يهيمن عليها؟ هل تقوم عليه؟ ما نوع هذه العلاقات بينها؟

*على العموم، إذا اعتبرنا الفعل التربوي، كما يحدده المفكر والتربوي "جون بياجي"، هو عملية وسيرورة "لتكييف الطفل/ة مع الوسط الاجتماعي للراشد، أي تحويل المكونات النفسية والبيولوجية للفرد وفق مجمل الحقائق المشتركة التي يعطيها الوعي الجمعي قيمة ما وعليه، فإن العلاقة بالتربية يحكمها معطيان: الفرد وهو في صيرورة النمو من جهة، والقيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية التي على المربي إيصالها لهذا الفرد، من جهة أخرى"؛ أي أن التربية تستهدف مختلف الأبعاد الفزيولوجية و المعرفية والوجدانية والاجتماعية والسياسية والقيمية للفرد في علاقتها مع المنظومات المجتمعية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، والتي يعطيها المجتمع قيمة ما تتبلور في مشاريعه التربوية، سواء كانت مؤسساتية أو غير مؤسساتية.. إذا اعتمدنا هذا التحديد المركب والشمولي للمجال التربوي، نفهم بسهولة العلاقة المتبادلة والجدلية بين التربوي والاجتماعي والاقتصادي. فمثلا، نظرة شاملة وتحليلية لبعض المناهج والبرامج والكتب التربوية المدرسية، تكشف لنا عن وجود معارف وقيم، وكفايات بصفة عامة تستهدف تربية وتثقيف وتأهيل المتعلم/ة، قصد الإدماج الإيجابي والمنتظر في المنظومات الاجتماعية والاقتصادية..

هذا بالنسبة للعلاقة بين المجال التربوي والمجالات المجتمعية الأخرى، إما فيما يخص مسألة الهيمنة، نجد في الأدبيات التربوية اتجاهين، أو أطروحتين: هناك أطروحة إعادة الإنتاج، التي ترى بان المجال التربوي هو مجرد إعادة إنتاج لعلاقات القوة السائدة مجتمعيا "سياسية، اقتصادية، اجتماعية، قيمية..."، إذ تفرض هذه القوى هيمنتها على المدرسة لتعيد إنتاج العلاقات والتمثلات والمشاريع المجتمعية التي تخدم الطبقة السياسية والاجتماعية السائدة والمهيمنة. وعليه فإن التربوي يخضع هنا لهيمنة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

وهناك الأطروحة الثانية، التي تقول باستقلالية المجال التربوي عن باقي المجالات المجتمعية الأخرى، حيث إن التربية لها منطقها وخصوصياتها الداخلية، ولها معاييرها وقيمها ووظائفها وأهدافها الخاصة، التي تشتغل وفق منطق تربوي مستقل، لا يتأثر بتدخل المجالات المجتمعية الخارجية، بل هو قادر على التأثير فيها وتوجيهها.. والحقيقة، في مجتمعاتنا العربية وفي غالبية الدول، نلاحظ هيمنة الاجتماعي "المؤسسات الاجتماعية: الدولة أو البرلمان أو الأحزاب والنقابات..." والاقتصادي "لوبيات ومصالح اقتصادية" على صناعة القرار التربوي المؤسساتي، حيث تتبلور هذه الهيمنة في الاختيارات الكبرى للسياسة التعليمية في كل بلد. أي، أن القرار التربوي ليس بعد في يد التربويين والبيداغوجيين والمفكرين..

هؤلاء يقومون فقط بدور تكييفي تربوي، وتنفيذي، للقرارات والاختيارات التربوية الرسمية أو المهيمنة.

إذن هناك تداخل وتشابك بين التربوي والاجتماعي والاقتصادي وغيره، ممكن ملاحظته في عدة أشكال وتجليات في المجال والفعل التربويين.

** هناك أساليب تربوية خاطئة تجاه الطفل، مثل التسلط أو التدليل أو الإهمال أو إثارة الألم النفسي لديه. ما أثر هذه الأساليب على الطفل تربويا؟

* من المعروف في الأدبيات التربوية أن هناك أسلوبين أو طريقتين في التربية، هناك الأسلوب التقليدي والأسلوب الحديث، ولكل أسلوب تصوراته وقيمه وتأثيراته على شخصية الطفل:

- الأسلوب التقليدي في التربية، تؤطره مجموعة من التصورات والقيم، يمكن تلخيصها في: تمثل الطفل (أو الطفلة) كونه "رجلا صغيرا"، وشريرا بطبعه، وليس هناك وعي علمي بالخصوصيات والحاجيات النمائية للطفل (فزيولوجيا وجدانيا ومعرفيا، واجتماعيا) حيث يتعامل معه المربي بمنطق الراشد.. وهذا ينجم عنه أساليب تربوية تقليدية وعنيفة في حق الطفل، تتسم بالتسلط والعنف والجهل العلمي التربوي الصحيح. كل ذلك بالطبع يكون لديه عواقب وتأثيرات سلبية ومرضية أحيانا خطيرة على السيرورة والصيرورة التكوينية الصحيحة والمتوازنة لشخصية الطفل؛ يمكننا أن نلاحظ ذلك جليا في بعض الظاهر النفسية والاجتماعية لدى الأطفال كإعادة إنتاج العنف، الانطواء، الكراهية، الخوف، الشعور بالإهمال وسلبية الذات، النفور والفشل المدرسيين، اتسام الشخصية بالاتجاهات السادية أو المازوشية، أساليب التفكير الأحادية والجامدة، القدرات العقلية الدنيا "التذكر، التكرار..." الاتكالية والتبعية..

- الأسلوب التربوي الحديث: ويتميز بكونه يتأسس على المعرفة العلمية بالخصوصيات والحاجيات النمائية العقلية والمعرفية والوجدانية والاجتماعية للطفل، وبإيمانه وتكريسه لقيم الحرية والديمقراطية والحوار والتشارك، واحترام الشخصية الإنسانية كقيمة مركزية، وجعل الطفل(ة) مفكرا ومبدعا، ومسؤولا على التحكم في صناعة مصيره ومصير مجتمعه من أجل الرقي والتقدم والكرامة الإنسانية..

لذا نجد هذا الأسلوب التربوي الحديث، يعتمد تقنيات وطرقاً تربوية تحترم شخصية وخصوصيات الطفل، وتجعل الطفل مشاركا أساسيا في بناء تربيته، بإعطائه الفرصة والحرية في التعبير عن طاقاته وأحاسيسه وأفكاره ومواهبه، وبناء قدرات عقلية عليا (تحليل، تركيب، تجريد، برهنة...)، والمساهمة في البناء والإنتاج الإيجابي لتعلماته التربوية عن طريق الحوار والفهم والتفهم، وخلق الحافزية الداخلية، والعمل على خلق جو عاطفي واجتماعي إيجابي ومحفز يساهم في بناء الثقة والاعتماد على النفس، وإعطاء الذات قيمة إيجابية وفعالة وفاعلة في وسطها المجتمعي (أسرة، مدرسة...).

كما أن أساليب التربية التي تغالي في التدليل وإعطاء الحرية المطلقة للطفل، تكون لها عواقب تربوية وخيمة كذلك، كعدم شعور الطفل بالمسؤولية، وعدم تمثله للضوابط القيمية والمجتمعية التي تقنن العلاقات والحدود المرغوبة أو المكروهة بين الذات والآخر والشروط الموضوعية للواقع المجتمعي، والوعي بشروط ومتطلبات الواقع الموضوعي، بالإضافة إلى غياب روح الاتكال على النفس والطموح الشخصي لدى هذا الصنف من الأطفال الذين يتلقون هذا الأسلوب التربوي.

** ما هو برأيك الأسلوب الأمثل الذي يمكن أن نربي عليه أطفالنا ونحن في مجتمع مسلم محافظ؟

* بعلاقة مع سبق، أظن أن الأسلوب الأمثل لتربية أطفالنا هو اعتماد الأسلوب الحديث والفعال الذي يؤمن بقيم المعرفة والعلم، ويؤمن بقيمة وكرامة الإنسان، وبتربية أطفالنا على المسؤولية الأخلاقية تجاه نفسهم ومجتمعهم بقيمه الدينية والوطنية وبمؤسساته، وبواجباته وحقوقه الفردية والجماعية. وكوننا مجتمعا مسلما ومحافظا على ثوابته الدينية والقيمية والثقافية، لا يمنع أن نربي أطفالنا على الانخراط في تحديات وخصوصيات عصره، بتمكينه من تربية معاصرة تقوم على قيم العلم والمعرفة التكنولوجية والعقلانية والبحث والابتكار والإبداع والنقد البناء، وبالتالي تؤهله ليكون صالحا لنفسه ولمجتمعه، سلوكا ومعرفة وتأهيلا، وبالتالي سيكون فاعلا أساسيا في تنمية وتقدم وطنه، وفي الدفاع عن ثوابته وكيانه الحضاري.

** لنتحدث الآن عن الأسرة، كيف تتصور العامل التربوي بين زوجين كي تكون علاقتهما الزوجية سعيدة وناجحة؟

* صحيح العامل التربوي يلعب دورا حاسما في مختلف مناحي حياتنا المجتمعية بما فيها مؤسسة الأسرة؛ وسعادة ونجاح الأسرة مرهونة بشكل كبير بنوع التربية التي تلقاها الأزواج؛ حيث إن العلاقة الزوجية تحكمها المرجعيات المعرفية والقيمية والعلائقية التي تربى عليها كل من الزوجين، فإن كانت تربيتهما سليمة وإيجابية على بعض القيم العلائقية كالاحترام والمسؤولية والحوار والمشاركة، والإيثار والتضحية، والتدبير العقلاني، واحترام مؤسسة الأسرة كقيمة مقدسة، والوعي بدورها المجتمعي الحاسم، وبالقيم الأخلاقية أو الدينية المفروض التقيد بها لاحترام الواجبات الأسرية، بالإضافة إلى التثقيف.. كل ذلك يلعب دورا حيويا في انسجام وتوازن وسعادة الأسرة.

وأظن أن مجتمعاتنا عليها أن تدخل مادة التربية الأسرية في مناهجها التربوية، ليس فقط التربية المطبخية والمنزلية لدى الإناث كما هو سائد في بعض المناهج، بل التربية الأسرية للجنسين، كوعي وقيم ومسؤولية، والتأهيل المعرفي والقيمي الايجابي للحياة الزوجية المستقبلية، نظرا لكون الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، إن صلحت صلح المجتمع.

** أين تتجلى حدود تربية الطفل من طرف الوالدين؟ هل يمكن للتواصل التربوي أن يكون عاملا حاسما في هذه العلاقة؟

* في مجتمعاتنا المعاصرة أصبحت مسألة التحكم التربوي لمؤسسة الأسرة في أطفالها في وضع حرج، حيث دخلت على الخط مؤسسات تربوية أخرى منظمة أو غير منظمة (المدرسة، النادي، التلفزة، الانترنيت، الشارع، الأقران، العائلات...) كل هذه الأشكال والقنوات المجتمعية لها مرجعيات تربوية مختلفة ومتضاربة، ولها تأثيراتها التربوية الخاصة على شخصية الأطفال، وبالتالي تبقى تأثيرات المرجعيات التربوية للوالدين جد محدودة، بل أحيانا غير فعالة. وأظن لتفعيل دور الأسرة في التوجيه التربوي لأطفالها عليها أن تكون واعية بهذا الوضع وبالحاجيات الموضوعية لأبنائها، وأحسن وسيلة للتحكم التربوي الجيد في أبنائها هو الاتصال والحوار التربويين الهادفين والمتفهمين مع أبنائها؛ حيث الاتصال والتواصل الدائمين مع الأبناء، وبشكل تربوي وعقلاني ومقنع، قد يجعل الأبناء يتفهمون ما هو صالح وما هو طالح لهم في محيطهم الاجتماعي هذا، الذي يعج بمئات النماذج القيمية والتربوية المتضاربة الأهداف والمرجعيات.

** والمدرسة، ما هو دورها الحقيقي في تربية النشء؟ علما أن واقع مدارسنا اليوم لا ينبئ بالخير..

* أظن أن المدرسة اليوم لها عدة أدوار حاسمة مجتمعيا في حياة الطفل والفرد بصفة عامة، من خلال وظائفها المختلفة: التربية على القيم، التكوين، التثقيف، التأهيل، المحافظة على الإرث الثقافي وتماسك وتوازن المجتمع، المساهمة في التغيير والتنمية والتقدم، وفي النهضة الثقافية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية.. وعليه، فإن الدور الحقيقي للمدرسة اليوم هو تربية أطفالنا على كل ما سبق ذكره، وتأهيلهم للمساهمة في بناء وتحقيق كل ذلك وغيره.

والواقع المأزوم لمدرستنا اليوم هو نتيجة لعدة عوامل متشابكة ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية، تاريخية ومعاصرة، ومن بين هذه العوامل نذكر أساسا عدم مواكبة المدرسة للتطورات والتغيرات المعرفية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الحديثة التي يشهدها عصرنا، وتحجرها في نماذج تقليدية وجامدة، تجعل أطفالنا غير قادرين على الاندماج والفعل الايجابيين والفعالين والمنتجين في واقعهم المجتمعي المحلي والعالمي.

لكن، وللموضوعية، هناك بعض الإصلاحات التربوية في بعض الدول العربية التي حاولت التكيف مع الحاجيات والتحديات الجديدة، واحتواء وضع الأزمة الشاملة ما أمكن. وبذلك أصبح يتصاعد الوعي لدينا بالدور الحاسم والاستراتيجي للمدرسة ولتربية نشئنا في تنمية ونهضة وتماسك مجتمعاتنا.

** هل يمكنك أن تحدثنا عن أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى في تربية الطفل من "روضة" ورفاق وشارع أيضا؟

* سبق أن أشرت إلى الدور التربوي الحاسم لبعض المؤسسات التربوية (غير الأسرة) أو ما يطلق عليه عامة مؤسسات التنشئة المجتمعية. وفي الأدبيات التربوية الحديثة، تلعب التربية الأولية أو ما قبل- مدرسية (الروضة...) أدوارا حاسمة في التأهيل التربوي الإيجابي والحيوي للأطفال، للاندماج والنجاح في عالم المدرسة، وفي الأسرة أيضا. بعض الدراسات أكدت أن الأطفال المستفيدين من التربية الأولية، ترتفع لديهم نسب النجاح والاندماج الإيجابي في عالم المدرسة وفي وسطهم الاجتماعي، ومسارهم الدراسي يكون جيدا على العموم.

فيما يخص الرفاق، أكدت بعض الدراسات السوسيو- تربوية، أن تأثير الرفاق والأقران على شخصية الطفل يكون أكثر وقعا وتأثيرا، لما يتصف به نوع التفاعل والتواصل بين الرفاق من ندية وتفهم وفهم وسلاسة وسهولة التأثير والتأثر، خصوصا عند توفرهم على نفس المرجعيات والوسائط التواصلية (مضامين، لغة، حاجيات، أهداف، سن...). وعليه وجب الانتباه جيدا إلى نوع رفاق أبنائنا، لأن تأثيرهم كبير سواء اتجاه ما هو إيجابي أو سلبي.

الشارع يلعب أيضا دورا كبيرا في تنشئة الطفل، سواء بوجود رفاق اللعب، أو بوجود نماذج بشرية أو مادية، أو خدماتية.. تمارس تأثيرها الايجابي أو السلبي على أطفالنا.

وعليه وجب تربية أطفالنا على كيفية التصرف بالشارع ومع مختلف عناصره ومؤثراته، وتحديد الأماكن الصالحة لتواجد أطفالنا، بالإضافة إلى المراقبة والمصاحبة المستمرة لأطفالنا ما أمكن.

** أنت تشرف حاليا على سلسلة "تربويات" وهي مجلة تهتم بالتربية والتعليم والتكوين، برأيك ما هو واقع التربية بالمغرب ومستقبلها؟

* نعم، بحكم اشتغالي واهتمامي بالشأن التربوي، لاحظت أن الجانب التواصلي والإعلامي التربوي جد محدود وخافت، رغم ما للتربوي والإعلام والتواصل من أدوار حاسمة واستراتيجية في المجتمع؛ لذلك أقدمت على"مغامرة" إصدار هذه السلسلة التربوية، قلت مغامرة، لأن ميدان النشر والتوزيع يعرف مشاكل بالجملة تتعلق بضعف القرائية (حتى لدى المهنيين التربويين أنفسهم) وارتفاع تكاليف الطبع والتوزيع والنفقات المختلفة المرافقة لذلك.

وعليه أظن أن النشر التربوي، وغياب أشكال الدعم الرسمية، لا يساير واقع الديناميكية التربوية التي يعيشها المغرب مؤخرا، بإقدامه على الإصلاح التربوي الأخير المتمثل في "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" حيث اعتبر قطاع التربية والتكوين ثاني أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية، وشرع في إطلاق عشرية التربية والتكوين منذ 2000/1999، إذ عرفت المناهج والبرامج والكتب المدرسية، والهيكلة التنظيمية للمدرسة والجامعة إصلاحات جديدة وتحديثية.

وعليه فإن المغرب التربوي أطلق عدة مشاريع إصلاحية متقدمة في قطاع التربية والتكوين لمحاولة تجاوز الوضع التربوي المتأزم بيداغوجيا وبشريا وتدبيريا وتجهيزيا، ورغم كل الجهود المبذولة فإنها لم تحقق كل أهدافها الإنقاذية والإصلاحية باعتراف رسمي، نظرا لتراكم الحاجيات والاختلالات التاريخية والمتجددة، وضعف الاعتمادات المالية، وتفشي الفساد التربوي، حيث لوحظ في تقرير أخير للأمم المتحدة أن الفساد التربوي ظاهرة عامة بدأت تتفشى في المنظومات التربوية، وأظن أن الفساد وغياب التعبئة الشاملة والإيمان بالإصلاح هو من أكبر أسباب فشل كل المحاولات الإصلاحية.

وعليه، فإن واقع التربية بالمغرب يعرف جدلية الإصلاح والفشل، يحقق نقطا إيجابية ويخفق في أخرى. وبما أن المغرب، دولة وشعبا، لديه الآن كل الوعي بأهمية التربية ودورها الحيوي في رفع التحديات الفردية والوطنية، فإن مستقبل التربية إما إنه سيكون جيدا، بتقوية وتمنيع وتأهيل منظومة التربية والتكوين، وإعطاؤها الأولوية المركزية في السياسات والاختيارات الرسمية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وإما الاندحار والتقهقر نحو الأسوأ بإهمال قطاع التربية التكوين، والاكتفاء بالترقيع الآني، وإضعاف المدرسة العمومية لصالح اختيارات أخرى ستكون عواقبها وخيمة على كل المجالات المجتمعية.

** صدرت لك كتب تربوية هامة، فهل يمكن أن تحدثنا باختصار عن تجربة الكتاب التربوي؟ وهل يلعب دوره المنوط به في المجال التربوي الاجتماعي؟

واقع الكتاب والكاتب التربوي هو واقع لا يمكن فصله عن بعض خصائص الواقع العام والمرتبط أساسا بثقافة نشر المعرفة وبالعلاقة السائدة مع المعرفي؛ هذا الواقع يمتاز أساسا بازدراء وتبخيس المعرفي والتربوي أساسا، وضعف القدرة الشرائية لأغلب المهتمين المفترضين بالشأن المعرفي والتربوي لا يجعل الكتاب في سلم أولوياتهم، بالإضافة إلى غياب الاهتمام الرسمي الجدي والكافي والفعال بالكتاب التربوي، سواء الموجه للمتعلمين والطلبة أو المهنيين والمهتمين، وذلك عبر دعمه ماديا وإعلاميا ومؤسساتيا، بالإضافة إلى غلاء تكاليف الطبع والتوزيع، وأشكال الابتزاز والقرصنة، منافسة وسائل الاتصال الحديثة (فضائيات، انترنيت)..

كل ذلك يجعل الكاتب التربوي يناضل ويغامر ويضحي لينشر عمله ورسالته المجتمعية التي يؤمن بها. ولا يخفى، منذ القديم، الدور التثقيفي والتنويري الذي يلعبه الكتاب بصفة عامة، والكتاب التربوي بصفة خاصة، الذي يلعب عدة أدوار اجتماعية وتربوية من تثقيف وتأطير وتكوين.. وعليه، فإن الكتاب التربوي يلعب دائما دوره الثقافي و الاجتماعي والتربوي، إن وجد من يدعمه، ومن ينشره، ومن يقرأه.







أتى هذا المقال من موقع آسية الالكتروني
http://www.asyeh.com

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.asyeh.com/visit.php?action=showpost&id=234
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nibras.ahlamontada.com
 
حوار تربوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نبراس :: عالم التربية-
انتقل الى: