منتديات نبراس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نبراس

منتدى يهتم بعالم الابداع و التربية والتعليم والثقافة و الحوار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أصيلا ... في رحاب التاريخ

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فاطمة الزهراء المرابط

فاطمة الزهراء المرابط


المساهمات : 172
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالجمعة فبراير 29, 2008 11:29 am

أصيلا....في رحاب التاريخ


تقع على الساحل الأطلسي في أقصى الشمال الغربي للمغرب... مدينة صغيرة سهلية ذات تلال خصبة و طابع سياحي يقصدها السياح من مختلف أرجاء العالم... مدينة نسيها الزمن رغم أن لها تاريخ عريق جدا و تعتبر من أقدم المدن المغربية.

إن المتبحر في تاريخ أصيلا يصطدم دائما بندرة المراجع التي تؤرخ لفترة من فترات المدينة، و في بعض الحقب التاريخية نلاحظ فراغا تاما بحيث لم يذكر اسم المدينة بتاتا لا في المراجع المغربية أو الأجنبية. و أصيلا مدينة قديمة قدم التاريخ و كغيرها من الحواضر المغربية لعبت أدوارا تاريخية، و كانت متأثرة و مؤثرة في كل التفاعلات التجارية و السياسية و الاجتماعية و العلمية و الثقافية التي عاشتها منطقة الشمال الغربي للمغرب عبر تاريخها القديم و الوسيط ثم الحديث.
ورغم أن أصيلا مدينة قديمة جدا استوطنها الفينيقيون و القرطاجيون ثم الرومان، و كانت من المدن المغربية التي استقبلت الفاتحين المسلمين، فصارت ذات أهمية أكثر من قبل و عاصمة لإحدى الإمارات الإدريسية. مع هذا لم يحتفظ لنا التاريخ بمعالم أو آثار هذه الدول من منشات ذات قيمة عمرانية و فنية كالقصور والمساجد و المعاهد العلمية، كما هو الشأن في المدن المغربية الأخرى. و مرد هذه الظاهرة يرجع إلى سببين:
ـ أن مدينة أصيلا هي الوحيدة من مدن الشمال التي تعرضت للتدمير و الهدم و الإبادة عمرانيا و سكانيا عدة مرات من طرف الغزاة المستعمرين، بل حتى من طرف بعض الحكام المغاربة في بعض الفترات العصيبة من تاريخ المنطقة.
ـ خضوعها لاحتلال برتغالي حاقد لمدة طويلة دمر و أباد خلالها جميع معالمها الإسلامية، معتقدا أن كل ما هو مكتوب باللغة العربية هي نسخ من القران الكريم الذي يحاربونه و يتعبدون بإحراقه و إبادته.


أصيلا عبر العصور القديمة


تكتسي أصيلا أهمية تاريخية كبيرة فهي مدينة غارقة في القدم، لذلك فان اسمها يتغير نطقا ورسما بتغير الحضارات التي مرت عليها، كما نلاحظ أن رسم اسمها يختلف من مرجع لأخر سواء كان عربيا أو أعجميا. و تذكر بعض المراجع التاريخية أن أصيلا كانت تدعى zilis خلال العصر القرطاجي، كما تشير بعض الوثائق التاريخية أن حانون القرطاجي قبل قيامه باستكشاف سواحل المحيط الأطلسي، كان قد شيد 5 مستعمرات قرب مدينة أصيلا على ضفاف واد تهدارت. كما سماها zilis كل من بطليموس الجغرافي المصري الإغريقي، و صاحب المجسطسي التي كانت جغرافيته مرجعا هاما في العصور الوسطى و عصر النهضة، و يقول الأب castellanos بان كلمة أزيلا مشتقة من لفظة زيل البربرية التي تعني الجمال و مع العصور اللاحقة تغير اسمها إلى أصيلا.
إن أكبر شاهد على أزلية أصيلا ذلك النصب الأثري الموجود" بمزورة" ضاحية أصيلا، بل هو أهم منشاة في المغرب تعود إلى ما قبل التاريخ أي إلى العصر الحجري القديم. وقيمته الأركيولوجية تتجلى في حادثة اكتشافه، وقد كان محط إعجاب مختلف الدول القديمة التي استعمرت المغرب، و قد ظلت هذه الدول على جهل تام لأصل أو مصدر هذا النصب فنسجوا عدة خيالات و تكهنات حول هذا النصب الأثري الشامخ الذي صمد في وجه الزمان منتصبا.
و تذكر بعض المصادر التاريخية أن تاريخ أصيلا يرجع إلى 3600 سنة، غير أننا لا نجد إلا بعض التلميحات و الإشارات إليها عبر العصور القديمة، وهذه الإشارات أيضا ما زالت في حاجة للمزيد من البحث و التنقيب من اجل وضع المدينة في إطارها التاريخي القديم و إزالة الغموض و الضبابية عنها.
و مما لا شك فيه أن لموقع أصيلا القريب من البوغاز اثر كبير في تأثرها بكل التيارات الحضرية التي تعاقبت على المنطقة. حيث يبدو من المعطيات التاريخية أن الفينيقيون بدأوا ينشئون محطات تجارية في الشمال الغربي للمغرب كطنجة و لكسوس ( العرائش حاليا). و من الملاحظ هو فراغ أصيلا و نواحيها الفاصلة بين طنجة و العرائش من بقايا فينيقية تدل على استيطانهم ضواحي أصيلا و هذا يدفعنا إلى الاعتقاد أن منطقة أصيلا مازالت في أمس الحاجة للبحث و التنقيب لاكتشاف هذه الصراعات التاريخية.
و حسب المراجع التاريخية انشأ القرطاجيون عدة مستوطنات ساحلية بين أصيلا و العرائش هي gytte و meliza و arambis. و يبدو أن أهل أصيلا كان لهم استعداد للاندماج الاجتماعي و التجاري مع القرطاجيين، فبنيت أفران لصناعة الأدوات الفخارية بمستوطنات الأقواس، فأصبحت هذه المنطقة مركزا سكانيا يصنع أهاليها أدوات فخارية على النمط البونيقي، كما كان سكان الأقواس يقومون بإنتاج القمح و الزيت و السمك و الملح. و أنشئ في هذا العهد طريق معبد يربط طنجة و أصيلا و العرائش لنقل البضائع التجارية و يمكن إتباع نتائج معالم هذه الطريق ابتدءا من الأثريات التي تحف بها المنطقة.
و امتازت في عهد الملوك الموريتانيون بحياة إدارية و اجتماعية جديدة و سكت بها نقود بحروف و لغة بونية فدانت أصيلا بالولاء و الطاعة لبوكود الملك الموريتاني. غير أن سكان أصيلا اتخذوا موقفا معاديا من الملك الموريتاني عندما دخل في صراع مع الدولة الرومانية و التي بدأت تشق طريقها نحو الشمال الغربي للمغرب فكلفها ذلك غاليا. حيث قام الإمبراطور الروماني أوكتافيوس بإجلاء سكان أصيلا إلى اسبانيا، و احل مكانهم سكان من أصول رومانية. فتحولت أصيلا إلى مستوطنة رومانية يتمتع سكانها بحق المواطنة الرومانية و بالحريات و الحقوق الجبائية و القضائية و التجارية التي تتمتع بها الإمبراطورية الرومانية، كما أصبح حاكم المدينة ينتخب من بين سكانها.
و يعتبر موقع زليس المعروف حاليا بالمد شر الجديد بجماعة أحد الغربية على بعد 13 كلم شمال شرق مدينة أصيلا. يعتبر هذا الموقع واحدا من بين المستعمرات الثلاثة التي أحدثها الإمبراطور الروماني أغسطس في شمال المغرب ما بين 33 و25 ق.م، وقد ورد اسمها في النصوص التاريخية تحت اسم ( يوليا كوسطنتيا زليل). تعود أقدم البنايات الأثرية المكتشفة بالموقع إلى القرن الثاني ق. م على الأقل. وتتكون من مجموعة سكنية دمرت حوالي 100 ق. م. أقيمت على أنقاضها بنايات جديدة تؤرخ للفترة الممتدة بين 60 و40 ق. م تعرضت بدورها للهدم فيما بعد. لقد عرفت زليس تطورا معماريا كبيرا ابتداء من القرن الأول م، حيث كشفت التنقيبات الأثرية عن بقايا منازل فوق الهضبة الشمالية، وعن حمامات وقناة مائية في الجنوب الشرقي، وسور يحيط بالمدينة ومسرح مدرج. وخلال منتصف القرن الثالث الميلادي، تم إخلاء المدينة والجلاء عنها لأسباب لا زالت غامضة، غير أنها عرفت مجددا الاستقرار في القرن الرابع الميلادي وأبرز أثاره تتمثل في الحي الصناعي والتجاري وكنيسة ترجع للفترة المسيحية الأولى. كما أن القناة الممتدة بمدينة الأقواس و التي شكلت ميناءا مهما لتصدير المواد الفلاحية من زيتون و تمور وحبوب إلى روما، و على بعد عدة أمتار من هذا الميناء بنيت معامل للخزف. قد يكون هذا الميناء من بناء الرومان و احتلوه مرة ثانية و الجدير بالذكر أن أصيلا خضعت للحكم الروماني زهاء 4 قرون ( من سنة 146 ق.م إلى 429 م ).
إلا أن تاريخ أصيلا يسوده الغموض و الضياع بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الطنجية بعد سنة 476 م، كما أن منطقة أصيلا تنعدم فيها الوثائق التي تثبت استيطان الشعب الوندالي بالمنطقة إلى غاية انهيار دولتهم سنة 533 م على يد القائد البريطاني بليزر ثم صارت مدينة أصيلا تحت حكم القوط بعدما احتلوا مدينة طنجة سنة 610 م إلى 641 م فأصبحت أصيلا تابعة لحكم يوليان الغماري الذي نصب عليها احد الأمراء.
.
أ صيلا إبان و بعد الفتح الإسلامي


بعد الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا على يد موسى بن نصير سنة 706 م، الذي وجد المغرب في حالة الاضطراب و الفوضى و أكثر مدنه خالية و كلمة البربر متفرقة فدعا الناس للإسلام و الصلاح و إصلاح ذات البين. و أصبحت أصيلا من المدن التي فتحها المسلمون تحت قيادة عقبة بن نافع و استوطنوا بها سنة 712 م، و قد عرفت في عهدهم ازدهارا كبيرا في المجال العمراني و التجاري و الأدبي و صناعة الأسلحة، و استمرت على هذا الحال إلى أن احتلها الانجليز سنة 936 م، فعملوا على تهجير أهلها و قتلهم بعد معارك دامية تحت قيادة قائدهم البيون. و منذ هذه الفترة أصبحت المدينة تعاني أنواعا مختلفة من العقاب نتيجة مقاومة أهلها و دفاعهم المستميت عن مدينتهم، مما جعل الانجليز لا يستطيعون الاستمرار في احتلالها لمدة طويلة فقرروا مغادرتها لأنهم لم ينعموا بالاطمئنان و الهدوء، فادرموا فيها النار و قتلوا أهلها بطريقة وحشية اهتز لها المغرب قاطبة. و قد بقيت أصيلا مخربة مهجورة زهاء 30 سنة. و في سنة 966 م أمر الحكم بن عبد الرحمان خليفة قرطبة بإعادة بنائها و تجديدها، و تركزت أعمال التجديد على طول ساحل المدينة و قد شملت هذه الأعمال جميع ميادين الحياة، فاستعادت المدينة هيبتها و رخاؤها و أصبحت تنعم بالأمن و السلام و التقدم أكثر مما كانت عليه قبل 223 سنة الماضية. و صار أهلها واسعي الثراء وأهل علم و رجال حرب، لكن حكام المدينة لم يذوقوا طعم أعمالهم عندما أصبحوا في مواجهات حربية دامية مع أعدائهم مما دفع أهالي أصيلا إلى هجرتها. فأصبحت خالية من السكان الذين هربوا من و ويلات الحرب المتواصلة و منذ هذه الفترة لم تستعد أصيلة عزتها و كثافة سكانها.


أصيلا عبر العصور الوسطى


أول من قدم عليها من ملوك المسلمين القاسم بن إدريس فملكها و بنى سورها و قصرها إلى أن توفي بها. ثم وليها ابنه إبراهيم فجرت بينه و بين ابن حفصون الثائر من الأندلس مراسلات و مكاتبات في شان الاتفاق على الخليفة الأموي بقرطبة إلى أن هلك، ثم و ليها ابنه الحسين بن إبراهيم بن القاسم فاضطرب أمره و ضعفت طاعته. و منذ هذه الفترة لم تعرف أصيلة وضعية سياسية مستقرة نتيجة الصراعات بين الحكام الذين توالوا على حكمها من جهة و أطماع الأعداء النصارى من جهة ثانية.
عرفت أصيلا خلال العصر الوسيط كغيرها من الثغور الشمالية الغربية ( سبته، طنجة...)، كثيرا من الاضطرابات بسبب قربها من الأندلس، مما جعل الخليفة عبد المؤمن بن علي يوليها عناية و اهتمام خاص لما لها من موقع استراتيجي بين العدوتين، و باعتبارها محطة من محطات صناعة السفن الحربية و التجارية وأحد مرافئ للتبادل الاقتصادي و السياسي و التجاري و الثقافي. ثم إن تاريخ أصيلا له ارتباط و ثيق بتاريخ مدن الشمال الغربي بكل مؤثراته السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية، حيث عاشت أصيلا جميع الأحداث التي وقعت في المنطقة الشمالية اواخرالحكم الموحدي الذي اضطرب و ضعف خاصة بعد معركة " العقاب" التي انهزم فيها الجيش المغربي تحت قيادة محمد الناصر الموحدي 1212م أمام الجيش القشتالي بقيادة الفونصوالثامن. فانتهز المرينيون ضعف الدولة الموحدية بعد وقيعة " العقاب"، كما اغتنموا التدهور الاقتصادي و تفشي الأوبئة بالمغرب سنة 1213م، فقام المرينيون بمحاربة الموحدين في قتال مرير دام حوالي 58 سنة انتهى بظهور الدولة المرينية بالمغرب. وخلال هذه الفترة عانت أصيلا من هجمات العدو الاسباني على سواحلها، مما دفع أهالي أصيلا إلى الفرار حتى أصبحت خالية من السكان، فخشي الفقيه القاضي أبو القاسم العزفي من مصير خلائها و ارتأى بأن احتلال الاسبان للمدينة أصبح و شيكا، و إذا تم فإن حياة المغاربة في إمارته التي كانت تضم سبته و طنجة و أصيلا و ضواحيها ستنقلب إلى جحيم. فقام جنوده بتخريب أسوارها و تهديم قصبتها... و يرجع المؤرخون سبب هذا التهديم إلى خوف العزفي من أن يحتلها الاسبان و يتحكموا بها، هذا الهدم الذي استهدف أصيلا على يد الفقيه العزفي هو إحدى المحن الكبرى التي تعرضت لها أصيلا عبر عصورها التاريخية و التي يشير إليها المثل الشعبي: « أصيلا صغيرة و محاينها كبيرة«. و إذا كان خوف أبو القاسم العزفي من أن يحتل النصارى أصيلا دفعه إلى هدم المدينة، فانه ارتكب خطا عسكريا و حضاريا لأنه بإقدامه على هذا الفعل أضاع على المدينة استمرارية تسلسلها التاريخي كما أضاع عليها معالمها العمرانية و الحضارية و العلمية.
إن مدينة أصيلا عوملت بنوع من الإهمال في أواخر الدولة الموحدية و بداية الدولة المرينية، حيث لم يجعلوا فيها جيشا منظما يحرسها و يدافع عنها أثناء الهجوم عليها من الداخل أو الخارج، و هو نفس الخطأ الذي سيتكرر أثناء الهجوم البرتغالي عليها 1471م. عندما انتهز الفونصو الخامس غياب جيشها مع حاكمها محمد الشيخ الو طاسي أثناء محاصرته لمدينة فاس، فأسرع بإعداد حملة سرية تامة حيث وجه الفونصو الخامس ملك البرتغال أسطولا ضخما وصل إلى مشارف أصيلا في 20 غشت 1471م، و في اليوم الموالي أمر الفونصو الخامس بعض كبار قواده بالاستيلاء على ميناء المدينة بواسطة القوارب الصغيرة، ثم النزول إلى البر فعسكروا في واد الحلو الذي يبعد عن أصيلا بكيلومتر و نصف. فقرر أعيانها و ما تبقى من الجنود الدفاع عنها حتى الرمق الأخير واضعين ثقتهم في أسوار المدينة و في العدد المتبقي من الجنود داخل المدينة. فأبدى الجنود المغاربة مقاومة عنيفة دامت 4 أيام بلياليها. و قد وصل محمد الشيخ هذا الخبر و هو يحاصر مدينة فاس فرفع حصاره عليها متوجها نحو أصيلا على رأس 300 فارس. لكنه وجد البرتغال قد تمكنوا من المدينة و تحصنوا بها، فلم يبقى أمامه إلا أن يمضي مع ملك البرتغال الفونصو الخامس معاهدة سلام مدتها 20 سنة. بعد هذه المعاهدة عمد البرتغاليون إلى تحصين و إعادة بناء المدينة بتحصين النصف المحادي للبحر، و هو المدينة القديمة حاليا دفعهم إلى هذا النقص البشري الذي كان البرتغاليون يعانون منه، فبنقص مساحة المدينة يسهل مراقبتها و الدفاع عنها بأقل عدد ممكن من الجنود.
و قد تمت تولية محمد الشيخ سلطانا على المغرب بموافقة أهل الرأي و المشورة بمدينة فاس، و بذلك بدأت الدولة الوطاسية التي قامت على أسس الدفاع عن الوطن و محاربة الاحتلال البرتغالي للثغور المغربية الشمالية للمغرب. و لما توفي محمد الشيخ 1501م تولى الحكم ابنه محمد، و قد بدا حكمه بقيادة حملات ضد تواجد الاحتلال البرتغالي للمغرب، و بالأخص أصيلا مسقط رأسه حيث كان يبدي حماس كبير لتحريرها ثم ليمتص تدمر المغاربة و المجاهدين بالمناطق الشمالية من تقاعس الوطاسيين عن محاربة الأعداء البرتغاليين. وقد استمر الاحتلال البرتغالي لأصيلا زهاء قرنين عرفت المنطقة خلالها أبشع أنواع الاستعمار، لأن هؤلاء البرتغاليون كانوا يهدفون إلى الاستيلاء على مدينة فاس عاصمة المغرب انطلاقا من الثغور الشمالية المحتلة.
ورغم أن السلطان المغربي قام في سنة 1508 م بجمع قوات جيشه متوجها نحو أصيلا، حيث طوقها بجيش عظيم يضم 20 ألف فارس و مائة و عشرين ألف جندي، فهجموا على أسوارها و أبراجها لمدة يومين انهزم خلالها الجيش البرتغالي الذي خسر ثلثا قواته و جرح حاكم المدينة Don Vasco Contino. فغادرا ساحة المعركة مع جنده ليحتموا بقصبة المدينة " برج القمرة " فطاردهم جيوش المغاربة لكنهم توصلوا بإمدادات من طرف حاكم طنجة البرتغالي D.J.de Menesses، فجرت معارك ضاربة في أزقة المدينة استمرت 3 أيام انسحب في أخرها الجيش المغربي، بعدما قام بتهديم أسوار المدينة و إحراق منازلها. فقام البرتغاليون بإعادة بناء أسوار المدينة و تقويمها و إعادة النشاط إليها. لكن بعد عامين من هذه المحاولة عاد المغاربة لمحاصرة المدينة من جديد، فاستنجد البرتغاليون بأسطول برتغالي كان متوجها إلى الهند و قبل انسحاب المغاربة قاموا بإضرام النار في احد مخازن المدينة محدثين خسائر هامة في السكان. وقد استمر البرتغاليون في احتلال أصيلا في أمن مشوب بالحذر الشديد من محاولات السعديين لاسترجاع الثغور المحتلة من طرف البرتغال، إلى أن أمر الحاكم Don Juan بمغادرتها 1551 م. فاسترجع المغاربة هذا الثغر الحصين و احتفظوا به تحت حكمهم، إلى أن وقعت في يد حاكم مدينة طنجة البرتغالي D.Duarte Meneses قبل وقوع الهزيمة النكراء البرتغاليين في معركة وادي المخازن.
من خلال قراءة الفترة البرتغالية بأصيلا ( من 24 غشت 1471 إلى مابعد 1578 م )، نلاحظ بأن البرتغاليون بكل وحشية و حقد صليبي تعمدوا طمس كل المعالم الحضارية (الاجتماعية، العمرانية، الدينية، العلمية ). لذلك لا نعثر على آثار و بقايا عمرانية تعود إلى عهود الدول المغربية السالفة، فلا نجد مثلا آثار تعود إلى إمارة الادارسة أو العهد المرابطي أو الموحدي و لا حتى المريني المتأخر. فقد تعمد البرتغاليون طمس وحرق كل الكتب و المخطوطات ذات الطابع المغربي الإسلامي، فلم يحفظ لنا التاريخ بالمدينة كتابا أو مخطوطا أو تقييدا أو كنانيش تعود لفترة ما قبل احتلال المدينة 1471م. مع العلم أن هناك إشارات تاريخية تؤكد أن المدينة عرفت حركة علمية و أدبية و كانت مقرا للأدباء و الشعراء. و أن فترة الاحتلال البرتغالي هي ذلك الشرخ و الفاصل الحضاري للمدينة بين ماضيها الحضاري الإسلامي، قبل سنة الاحتلال و حاضرها المبتدإ بتحريرها التام في عهد السلطان المولى إسماعيل سنة 1690م على يد القائد أحمد بن حدوا. و منذ هذه الفترة لم تعرف أصيلا أية أهمية تاريخية، لكنها عاشت نفس الوضعية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفتها المنطقة الشمالية في عهد الحكم العلوي. وفي سنة 1912 احتل الجيش الاسباني مدينة أصيلا كما احتل عدة مدن من شمال المغرب خلال فترة الاستعمار الاسباني الفرنسي للمغرب، و لم تنعم أصيلا بالأمن و السلام إلا بعد استقلال المغرب.
إذا كانت أصيلا قد لعبت أدوارا مهمة عبر مختلف العصور التاريخية و شهدت عدة صراعات سياسية و عسكرية، فإنها الآن تقبع بسلام على المحيط الأطلسي مدينة صغيرة جميلة و هادئة بأسوارها البرتغالية الشاهدة على تاريخها العريق، و ورغم أنها استرجعت طابعها الإسلامي المتجلي في معمار بيوتها و قصرها و مساجدها خلال العصر العلوي، لكن هذا الطابع الإسلامي في أصيلا بدأ يتلاشى تدريجيا مع التطور المعماري الحديث. كما أن أصيلا على غرار باقي المدن التاريخية تعرف اهتماما كبيرا بمعالمها و مآثرها التاريخية كمدينة سياحية تستقبل السياح المغاربة و الأجانب طيلة السنة. و تحفل بحركة ثقافية نشيطة باعتبارها موطن مجموعة من الشعراء و الكتاب و المثقفين.....



فاطمة الزهراء المرابط
أصيلة ـ المغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد عماري

محمد عماري


المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالجمعة فبراير 29, 2008 11:38 am

كل الشكر والتقدير للأخت المحترمة فاطمة على هذا المقال التاريخي الرائع...ما أحوجنا لمثل هذه الموضوعات التي تعرفنا بتاريخ مدننا الجميلة
شكرا لك ثانية
محمد عماري/الحسيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منال الخالدي

منال الخالدي


المساهمات : 68
تاريخ التسجيل : 17/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 9:27 am

الجميلة فاطمة الزهراء
جميل جدا ان اقرا تاريخ اصيلة هنا، ساحذو حدوك و اعرف بمدينتي اشبيلية في اقرب وقت، طبعا ليس بنفس اسلوبك التاريخي ، لكني ساحاول تسليط الضوء على بعض الملامح التاريخية و بقايا الحضارة الاندلسية..
اصيلة هي دفء حقيقي لكل عاشق للهدوء و الحرية.. هي بلسم لكل الجراح العميقة.. اعشق هواءها و سحر المنساب في كل مكان.. و نسيم بحرها الذي ..
مازلت اتذكر جولاتي بين جدرانها العثيقة و جلستي المسائية على مشارف الاسواء من بين ارجاء النادي الثقافي و المدافع امامي. اليس هناك اجمل من امتزاج البحر برطوبة التاريخ الجميل.

تحياتي ايتها الجميلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أيوب مليجي

أيوب مليجي


المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 22/02/2008
العمر : 37
الموقع : www.ayoubmaliji76.jeeran.com

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:03 pm

شكرا على هاته الإضاءة الجميلة على تاريخ رائع لمدينة أروع

أصيلا ..تلك المدينة التي تراودني عن نفسي كي أزورها وهاهي تأتي إلي لتعاودني

أتمنى زيارتها

وفي انتظار مدن أخرى....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فاطمة الزهراء المرابط

فاطمة الزهراء المرابط


المساهمات : 172
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالأحد مارس 02, 2008 7:56 am

الاخ / الشاعر محمد عماري

اشكرك على هذه الكلمات الجميلة التي وقعت بها هنا، على ضفاف هذه الصفحة.. كل الكلمات لا توفي هذه المدينة التي اهملها التاريخ حقها ..

تحياتي الخالصة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فاطمة الزهراء المرابط

فاطمة الزهراء المرابط


المساهمات : 172
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالأحد مارس 02, 2008 7:59 am

العزيزة / الشاعرة منال الخالدي

اكيد ان اللحظات في اصيلة الجميلة لا تنسى ابدا، و اكيد ان كل ركن فيها ينتظر اطلالتك المميزة.. لقد طال عيابك عن المغرب كثيرا..

اشكرك على اقتراحك لهذا الركن المهم وانا في انتظار تاريخ اشبيلية الذي بالتاكيد سيكون مميزا

تحياتي الصادقة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فاطمة الزهراء المرابط

فاطمة الزهراء المرابط


المساهمات : 172
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

أصيلا ... في رحاب التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصيلا ... في رحاب التاريخ   أصيلا ... في رحاب التاريخ I_icon_minitimeالأحد مارس 02, 2008 8:02 am

الاخ / الشاعر ايوب مليجي

اشكرك على هذا التوقيع الجميل الذي نسجته على هذه الصفحة، واحييك على مشاعرك النبيلة اتجاه مدينتي.. ننتظر تاريخ مدينتك..

تحياتي الخالصة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أصيلا ... في رحاب التاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نبراس :: مدن وسياحة ثقافية-
انتقل الى: